القول في تأويل قوله تعالى ذكره : ( ومتاع إلى حين    ( 36 ) ) 
قال أبو جعفر :  اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . فقال بعضهم : ولكم فيها بلاغ إلى الموت . 
ذكر من قال ذلك : 
770 - حدثني موسى بن هارون ،  قال : حدثنا عمرو بن حماد ،  قال : حدثنا  [ ص: 540 ] أسباط ،  عن  السدي  في قوله : " ومتاع إلى حين   " قال يقول : بلاغ إلى الموت . 
771 - وحدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ،  عن إسرائيل ،  عن إسماعيل السدي ،  قال : حدثني من سمع ابن عباس   : " ومتاع إلى حين   " قال : الحياة . 
وقال آخرون : يعني بقوله : " ومتاع إلى حين   " إلى قيام الساعة . 
ذكر من قال ذلك : 
772 - حدثني المثنى بن إبراهيم ،  قال : حدثنا أبو حذيفة ،  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   : " ومتاع إلى حين   " قال : إلى يوم القيامة ، إلى انقطاع الدنيا . 
وقال آخرون : " إلى حين   " قال : إلى أجل . 
ذكر من قال ذلك : 
773 - حدثت عن عمار بن الحسن ،  قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن الربيع   : " ومتاع إلى حين   " قال : إلى أجل . 
والمتاع في كلام العرب : كل ما استمتع به من شيء ، من معاش استمتع به أو رياش أو زينة أو لذة أو غير ذلك . فإذ كان ذلك كذلك - وكان الله جل ثناؤه قد جعل حياة كل حي متاعا له يستمتع بها أيام حياته ، وجعل الأرض للإنسان متاعا أيام حياته ، بقراره عليها ، واغتذائه بما أخرج الله منها من الأقوات والثمار ، والتذاذه بما خلق فيها من الملاذ ، وجعلها من بعد وفاته لجثته كفاتا ، ولجسمه منزلا وقرارا ، وكان اسم المتاع يشمل جميع ذلك - كان أولى التأويلات  [ ص: 541 ] بالآية - إذ لم يكن الله جل ثناؤه وضع دلالة دالة على أنه قصد بقوله : " ومتاع إلى حين   " بعضا دون بعض ، وخاصا دون عام في عقل ولا خبر - أن يكون ذلك في معنى العام ، وأن يكون الخبر أيضا كذلك ، إلى وقت يطول استمتاع بني آدم وبني إبليس بها ، وذلك إلى أن تبدل الأرض غير الأرض . فإذ كان ذلك أولى التأويلات بالآية لما وصفنا ، فالواجب إذا أن يكون تأويل الآية : ولكم في الأرض منازل ومساكن تستقرون فيها استقراركم - كان - في السماوات ، وفي الجنان في منازلكم منها ، واستمتاع منكم بها وبما أخرجت لكم منها ، وبما جعلت لكم فيها من المعاش والرياش والزين والملاذ ، وبما أعطيتكم على ظهرها أيام حياتكم ومن بعد وفاتكم لأرماسكم وأجداثكم تدفنون فيها ، وتبلغون باستمتاعكم بها إلى أن أبدلكم بها غيرها . 
				
						
						
