القول في تأويل قوله عز ذكره ( فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق    ) 
قال أبو جعفر   : وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهل الملل بكتابه الذي أنزله إليه ، وهو القرآن الذي خصه بشريعته . يقول تعالى ذكره : احكم يا محمد ،  بين أهل الكتاب والمشركين بما أنزل إليك من كتابي وأحكامي في كل ما احتكموا فيه إليك ، من الحدود والجروح والقود والنفوس ، فارجم الزاني المحصن ، واقتل النفس القاتلة بالنفس المقتولة ظلما ، وافقأ العين بالعين ، واجدع الأنف بالأنف ، فإني أنزلت إليك القرآن مصدقا في ذلك ما بين يديه من الكتب ، ومهيمنا عليه رقيبا ، يقضي على ما قبله من سائر الكتب قبله ، ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود الذين  [ ص: 383 ] يقولون : إن أوتيتم الجلد في الزاني المحصن دون الرجم ، وقتل الوضيع بالشريف إذا قتله ، وترك قتل الشريف بالوضيع إذا قتله فخذوه ، وإن لم تؤتوه فاحذروا عن الذي جاءك من عند الله من الحق ، وهو كتاب الله الذي أنزله إليك . يقول له : اعمل بكتابي الذي أنزلته إليك إذا احتكموا إليك فاخترت الحكم عليهم ، ولا تتركن العمل بذلك اتباعا منك أهواءهم ، وإيثارا لها على الحق الذي أنزلته إليك في كتابي ، كما : - 
12124 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا عبد الله بن صالح  قال ، حدثني معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس   : " فاحكم بينهم بما أنزل الله   " ، يقول : بحدود الله " ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق   " . 
12125 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا هارون ،  عن عنبسة ،  عن جابر ،  عن عامر ،  عن مسروق   : أنه كان يحلف اليهودي والنصراني بالله ، ثم قرأ : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله   ) [ سورة المائدة : 49 ] ، وأنزل الله : ( ألا تشركوا به شيئا   )  [ سورة الأنعام : 151 ] . 
				
						
						
