القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=28976قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ( 94 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : ليختبرنكم الله ، أيها المؤمنون ، ببعض الصيد في حال إحرامكم ، كي يعلم أهل طاعة الله والإيمان به ، والمنتهين إلى حدوده وأمره ونهيه ، ومن الذي يخاف الله فيتقي ما نهاه عنه ، ويجتنبه خوف عقابه "بالغيب " ، بمعنى : في الدنيا ، بحيث لا يراه . .
وقد بينا أن "الغيب " ، إنما هو مصدر قول القائل : "غاب عني هذا الأمر
[ ص: 585 ] فهو يغيب غيبا وغيبة " ، وأن ما لم يعاين ، فإن العرب تسميه "غيبا" .
فتأويل الكلام إذا : ليعلم أولياء الله من يخاف الله فيتقي محارمه التي حرمها عليه من الصيد وغيره ، بحيث لا يراه ولا يعاينه .
وأما قوله : "فمن اعتدى بعد ذلك " ، فإنه يعني : فمن تجاوز حد الله الذي حده له ، بعد ابتلائه بتحريم الصيد عليه وهو حرام ، فاستحل ما حرم الله عليه منه بأخذه وقتله"فله عذاب ، من الله "أليم " ، يعني : مؤلم موجع .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=28976قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 94 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ : لَيَخْتَبِرَنَّكُمُ اللَّهُ ، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، بِبَعْضِ الصَّيْدِ فِي حَالِ إِحْرَامِكُمْ ، كَيْ يَعْلَمَ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ ، وَالْمُنْتَهِينَ إِلَى حُدُودِهِ وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، وَمَنِ الَّذِي يَخَافُ اللَّهَ فَيَتَّقِي مَا نَهَاهُ عَنْهُ ، وَيَجْتَنِبُهُ خَوْفَ عِقَابِهِ "بِالْغَيْبِ " ، بِمَعْنَى : فِي الدُّنْيَا ، بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ . .
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ "الْغَيْبَ " ، إِنَّمَا هُوَ مَصْدَرُ قَوْلِ الْقَائِلِ : "غَابَ عَنِّي هَذَا الْأَمْرُ
[ ص: 585 ] فَهُوَ يَغِيبُ غَيْبًا وَغَيْبَةً " ، وَأَنَّ مَا لَمْ يُعَايَنْ ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ "غَيْبًا" .
فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا : لِيَعْلَمَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ مَنْ يَخَافُ اللَّهَ فَيَتَّقِي مَحَارِمَهُ الَّتِي حَرَّمَهَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ ، بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ وَلَا يُعَايِنُهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ " ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَمَنْ تَجَاوَزَ حَدَّ اللَّهِ الَّذِي حَدَّهُ لَهُ ، بَعْدَ ابْتِلَائِهِ بِتَحْرِيمِ الصَّيْدِ عَلَيْهِ وَهُوَ حَرَامٌ ، فَاسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِأَخْذِهِ وَقَتْلِهِ"فَلَهُ عَذَابٌ ، مِنَ اللَّهِ "أَلِيمٌ " ، يَعْنِي : مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ .