القول في تأويل قوله ( فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين    ( 89 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول - تعالى ذكره - : فإن يكفر : يا محمد ،  بآيات كتابي الذي أنزلته إليك فيجحد هؤلاء المشركون العادلون بربهم ، كالذي : - 
13519 - حدثني علي بن داود  قال : حدثنا أبو صالح  قال حدثني معاوية بن صالح  ، عن علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس   : " فإن يكفر بها هؤلاء   " يقول : إن يكفروا بالقرآن  . 
ثم اختلف أهل التأويل في المعني ب " هؤلاء " . 
فقال بعضهم : عني بهم كفار قريش  ، وعنى بقوله : " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين   " الأنصار . 
ذكر من قال ذلك : 
13520 - حدثنا  محمد بن بشار  قال : حدثنا سليمان  قال : حدثنا أبو هلال  ، عن قتادة  في قول الله - تعالى ذكره - : " فإن يكفر بها هؤلاء   " قال : أهل مكة   " فقد وكلنا بها " أهل المدينة   .  [ ص: 516 ] 
13521 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا  عبدة بن سليمان  ، عن جويبر  ، عن الضحاك ،   " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين   " قال : الأنصار  . 
13522 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا  عبد الرحمن بن مغراء  ، عن جويبر  ، عن الضحاك   : " فإن يكفر بها هؤلاء " قال : إن يكفر بها أهل مكة   " فقد وكلنا بها " أهل المدينة  الأنصار " ليسوا بها بكافرين  " . 
13523 - حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن المفضل  قال : حدثنا أسباط  ، عن  السدي   : " فإن يكفر بها هؤلاء   " يقول : إن تكفر بها قريش   " فقد وكلنا بها   " الأنصار . 
13524 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال حدثني حجاج  ، عن  ابن جريج   : " فإن يكفر بها هؤلاء   " أهل مكة   " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين   " أهل المدينة   . 
13525 - حدثني محمد بن سعد  قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : " فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " قال : كان أهل المدينة  قد تبوءوا الدار والإيمان قبل أن يقدم عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فلما أنزل الله عليهم الآيات ، جحد بها أهل مكة   . فقال الله - تعالى ذكره - : " فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين   " . قال عطية   : ولم أسمع هذا من ابن عباس  ، ولكن سمعته من غيره . 
13526 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو صالح  قال حدثني معاوية  ، عن علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس   : " فإن يكفر بها هؤلاء   " يعني أهل  [ ص: 517 ] مكة   . يقول : إن يكفروا بالقرآن " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " يعني أهل المدينة  والأنصار . 
وقال آخرون : معنى ذلك : فإن يكفر بها أهل مكة  ، فقد وكلنا بها الملائكة . 
ذكر من قال ذلك : 
13527 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبو أسامة  ، عن عوف  ، عن أبي رجاء   : " فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين   " قال : هم الملائكة . 
13528 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا محمد بن جعفر   وابن أبي عدي  وعبد الوهاب  ، عن عوف  ، عن أبي رجاء  مثله . 
وقال آخرون : عنى بقوله : " فإن يكفر بها هؤلاء " يعني قريشا  وبقوله : " فقد وكلنا بها قوما   " الأنبياء الذين سماهم في الآيات التي مضت قبل هذه الآية . 
ذكر من قال ذلك : 
13529 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا  يزيد بن زريع  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : " فإن يكفر بها هؤلاء   " يعني أهل مكة   " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين   " وهم الأنبياء الثمانية عشر الذين قال الله : أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده . 
13530 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   : " فإن يكفر بها هؤلاء   " قال : يعني قوم محمد   . ثم قال : " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين   " يعني : النبيين الذين قص قبل هذه الآية قصصهم . ثم قال : " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده   " .  [ ص: 518 ] 
قال أبو جعفر   : وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ، قول من قال : عنى بقوله : " فإن يكفر بها هؤلاء   " كفار قريش   " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " يعني به الأنبياء الثمانية عشر الذين سماهم الله - تعالى ذكره - في الآيات قبل هذه الآية . وذلك أن الخبر في الآيات قبلها عنهم مضى ، وفي التي بعدها عنهم ذكر ، فما بينها بأن يكون خبرا عنهم ، أولى وأحق من أن يكون خبرا عن غيرهم . 
فتأويل الكلام ، إذ كان ذلك كذلك : فإن كفر قومك من قريش ،  يا محمد ،  بآياتنا ، وكذبوا وجحدوا حقيقتها ، فقد استحفظناها واسترعينا القيام بها رسلنا وأنبياءنا من قبلك ، الذين لا يجحدون حقيقتها ، ولا يكذبون بها ، ولكنهم يصدقون بها ويؤمنون بصحتها . 
وقد قال بعضهم : معنى قوله : " فقد وكلنا بها قوما " رزقناها قوما . 
				
						
						
