القول في تأويل قوله ( وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا    ) 
قال أبو جعفر   : يقول - تعالى ذكره - : والله الذي له العبادة خالصة لا شريك فيها لشيء سواه ، هو الإله الذي أنزل من السماء ماء " فأخرجنا به نبات كل شيء   " فأخرجنا بالماء الذي أنزلناه من السماء من غذاء الأنعام والبهائم والطير والوحش وأرزاق بني آدم  وأقواتهم ما يتغذون به ويأكلونه فينبتون عليه وينمون . وإنما معنى قوله فأخرجنا به نبات كل شيء   " فأخرجنا به ما ينبت به كل شيء وينمو عليه ويصلح . 
ولو قيل : معناه : فأخرجنا به نبات جميع أنواع النبات ، فيكون " كل شيء " هو أصناف النبات كان مذهبا ، وإن كان الوجه الصحيح هو القول الأول . 
وقوله : " فأخرجنا منه خضرا " يقول : " فأخرجنا منه " يعني من الماء الذي أنزلناه من السماء " خضرا " رطبا من الزرع . 
" والخضر " هو " الأخضر " كقول العرب   : " أرنيها نمرة ، أركها مطرة " . يقال : " خضرت الأرض خضرا وخضارة " "والخضر " رطب البقول ،  [ ص: 574 ] ويقال : " نخلة خضيرة " إذا كانت ترمي ببسرها أخضر قبل أن ينضج . " وقد اختضر الرجل " " واغتضر " إذا مات شابا مصححا . ويقال : " هو لك خضرا مضرا " أي هنيئا مريئا . 
قوله : " نخرج منه حبا متراكبا " يقول : نخرج من الخضر حبا يعني : ما في السنبل ، سنبل الحنطة والشعير والأرز ، وما أشبه ذلك من السنابل التي حبها يركب بعضه بعضا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
13661 - حدثني محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن مفضل  قال : حدثنا أسباط  ، عن  السدي  قوله : " منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا " فهذا السنبل . 
				
						
						
