[ ص: 62 ] القول في تأويل قوله ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ( 115 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وكملت " كلمة ربك " ، يعني القرآن .
سماه " كلمة " ، كما تقول العرب للقصيدة من الشعر يقولها الشاعر : " هذه كلمة فلان " . .
( صدقا وعدلا ) ، يقول : كملت كلمة ربك من الصدق والعدل .
و " الصدق " و " العدل " نصبا على التفسير للكلمة ، كما يقال : " عندي عشرون درهما " .
( لا مبدل لكلماته ) ، يقول : لا مغير لما أخبر في كتبه أنه كائن من وقوعه في حينه وأجله الذي أخبر الله أنه واقع فيه ، وذلك نظير قوله جل ثناؤه ( يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ) ، [ سورة الفتح : 15 ] . فكانت إرادتهم تبديل كلام الله ، مسألتهم نبي الله أن يتركهم يحضرون الحرب معه ، وقولهم له ولمن معه من المؤمنين : ( ذرونا نتبعكم ) ، بعد الخبر الذي كان الله أخبرهم تعالى ذكره في كتابه بقوله : ( فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ) الآية ، [ سورة التوبة : 83 ] ، فحاولوا تبديل كلام الله وخبره بأنهم لن يخرجوا [ ص: 63 ] مع نبي الله في غزاة ، ولن يقاتلوا معه عدوا بقولهم لهم : ( ذرونا نتبعكم ) ، فقال الله جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : " يريدون أن يبدلوا " بمسألتهم إياهم ذلك كلام الله وخبره : ( قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ) . فكذلك معنى قوله : ( لا مبدل لكلماته ) ، إنما هو : لا مغير لما أخبر عنه من خبر أنه كائن ، فيبطل مجيئه وكونه ووقوعه على ما أخبر جل ثناؤه ؛ لأنه لا يزيد المفترون في كتب الله ولا ينقصون منها . وذلك أناليهود والنصارى لا شك أنهم أهل كتب الله التي أنزلها على أنبيائه ، وقد أخبر جل ثناؤه أنهم يحرفون غير الذي أخبر أنه لا مبدل له .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13789 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته ) ، يقول : صدقا وعدلا فيما حكم .
وأما قوله : ( وهو السميع العليم ) ، فإن معناه : والله " السميع " ، لما يقول هؤلاء العادلون بالله ، المقسمون بالله جهد أيمانهم : لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ، وغير ذلك من كلام خلقه " العليم " ، بما تئول إليه أيمانهم من بر وصدق وكذب وحنث ، وغير ذلك من أمور عباده .