[ ص: 96 ] القول في تأويل قوله تعالى ذكره ( والسلوى   )  
قال أبو جعفر   : و" السلوى " اسم طائر يشبه السمانى ، واحده وجماعه بلفظ واحد ، كذلك السمانى لفظ جماعها وواحدها سواء . وقد قيل : إن واحدة السلوى سلواة . 
ذكر من قال ذلك : 
979 - حدثني موسى بن هارون  قال ، حدثني عمرو بن حماد  قال ، حدثنا أسباط  ، عن  السدي  في خبر ذكره عن أبي مالك  ، وعن أبي صالح  ، عن ابن عباس  ، وعن  مرة الهمداني  ، عن ابن مسعود  ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : السلوى طير يشبه السمانى . 
980 - حدثني موسى بن هارون  قال ، حدثنا عمرو  قال ، حدثنا أسباط  ، عن  السدي  قال : كان طيرا أكبر من السمانى . 
981 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا معمر  ، عن قتادة  قال : السلوى : طائر كانت تحشرها عليهم الريح الجنوب . 
982 - حدثني محمد بن عمرو  قال ، حدثنا أبو عاصم  قال ، حدثنا عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  قال : السلوى : طائر . 
983 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا أبو حذيفة  قال ، حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   : السلوى طير . 
984 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم  قال ، حدثني عبد الصمد  قال : سمعت وهبا   - وسئل : ما السلوى ؟ فقال : طير سمين مثل الحمام . 
 [ ص: 97 ]  985 - حدثني  يونس بن عبد الأعلى  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد   : السلوى طير . 
986 - حدثنا المثنى  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس   : السلوى كان طيرا يأتيهم مثل السمانى . 
987 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا الحماني  قال ، حدثنا شريك  ، عن مجالد  ، عن عامر  ، قال : السلوى السمانى . 
988 - حدثت عن المنجاب  قال ، حدثنا بشر  ، عن أبي روق  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس  قال : السلوى ، هو السمانى . 
989 - حدثنا أحمد بن إسحاق  قال ، أخبرنا أبو أحمد  قال ، حدثنا شريك  ، عن مجالد  ، عن عامر  قال : السلوى السمانى . 
990 - حدثنا ابن بشار  قال ، حدثنا أبو عامر  قال ، حدثنا قرة  ، عن الضحاك  قال : السمانى هو السلوى . 
فإن قال قائل : وما سبب تظليل الله جل ثناؤه الغمام ، وإنزاله المن والسلوى  على هؤلاء القوم ؟ 
قيل : قد اختلف أهل العلم في ذلك . ونحن ذاكرون ما حضرنا منه : - 
991 - فحدثنا موسى بن هارون  قال ، حدثنا عمرو بن حماد  قال ، حدثنا أسباط بن نصر  ، عن  السدي   : لما تاب الله على قوم موسى ،  وأحيا السبعين الذين اختارهم موسى  بعد ما أماتهم ، أمرهم الله بالسير إلى أريحا ، وهي أرض بيت المقدس   . فساروا حتى إذا كانوا قريبا منها بعث موسى  اثني عشر نقيبا . فكان من أمرهم وأمر الجبارين وأمر قوم موسى ،  ما قد قص الله في كتابه .  [ ص: 98 ] فقال قوم موسى  لموسى   : ( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون   ) . فغضب موسى  فدعا عليهم فقال : ( رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين   ) . فكانت عجلة من موسى  عجلها ، فقال الله تعالى : ( إنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض   ) . فلما ضرب عليهم التيه ، ندم موسى  ، وأتاه قومه الذين كانوا معه يطيعونه فقالوا له : ما صنعت بنا يا موسى  ؟ فلما ندم ، أوحى الله إليه : أن لا تأس على القوم الفاسقين - أي لا تحزن على القوم الذين سميتهم فاسقين - فلم يحزن ، فقالوا : يا موسى  كيف لنا بماء هاهنا ؟ أين الطعام ؟ فأنزل الله عليهم المن - فكان يسقط على شجر الترنجبين - والسلوى وهو طير يشبه السمانى فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير ، إن كان سمينا ذبحه وإلا أرسله ، فإذا سمن أتاه . فقالوا : هذا الطعام ، فأين الشراب ؟ فأمر موسى  فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، فشرب كل سبط من عين . فقالوا : هذا الطعام والشراب ؟ فأين الظل ؟ فظلل عليهم الغمام . فقالوا : هذا الظل ، فأين اللباس ؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ، ولا يتخرق لهم ثوب ، فذلك قوله : ( وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى   ) وقوله : ( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم  ) . [ البقرة : 60 ] . 
992 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق  قال : لما تاب الله عز وجل على بني إسرائيل ، وأمر موسى  أن يرفع عنهم السيف من عبادة العجل ، أمر موسى  أن يسير بهم إلى الأرض المقدسة ، وقال : إني قد كتبتها لكم دارا وقرارا ومنزلا فاخرج إليها ، وجاهد من فيها من العدو ، فإني ناصركم  [ ص: 99 ] عليهم . فسار بهم موسى  إلى الأرض المقدسة بأمر الله عز وجل   . حتى إذا نزل التيه - بين مصر  والشام ،  وهي أرض ليس فيها خمر ولا ظل - دعا موسى  ربه حين آذاهم الحر ، فظلل عليهم بالغمام ; ودعا لهم بالرزق ، فأنزل الله لهم المن والسلوى . 
993 - حدثني المثنى بن إبراهيم  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا  ابن أبى جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس   - 
994 - وحدثت عن عمار بن الحسن  ، حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع  قوله : ( وظللنا عليكم الغمام   ) ، قال : ظلل عليهم الغمام في التيه ، تاهوا في خمسة فراسخ أو ستة ، كلما أصبحوا ساروا غادين ، فأمسوا فإذا هم في مكانهم الذي ارتحلوا منه . فكانوا كذلك حتى مرت أربعون سنة . قال : وهم في ذلك ينزل عليهم المن والسلوى ، ولا تبلى ثيابهم . ومعهم حجر من حجارة الطور يحملونه معهم ، فإذا نزلوا ضربه موسى  بعصاه ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا . 
995 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم  قال ، حدثني عبد الصمد  قال ، سمعت وهبا يقول : إن بني إسرائيل - لما حرم الله عليهم أن يدخلوا الأرض المقدسة أربعين سنة يتيهون في الأرض - شكوا إلى موسى  فقالوا : ما نأكل ؟ فقال : إن الله سيأتيكم بما تأكلون . قالوا : من أين لنا ؟ إلا أن يمطر علينا خبزا ! قال : إن الله عز وجل سينزل عليكم خبزا مخبوزا . فكان ينزل عليهم المن - سئل وهب   : ما المن ؟ قال : خبز الرقاق مثل الذرة أو  [ ص: 100 ] مثل النقي - قالوا : وما نأتدم ؟ وهل بد لنا من لحم ؟ قال : فإن الله يأتيكم به . فقالوا : من أين لنا ؟ إلا أن تأتينا به الريح ! قال : فإن الريح تأتيكم به . فكانت الريح تأتيهم بالسلوى - فسئل وهب   : ما السلوى ؟ قال : طير سمين مثل الحمام ، كانت تأتيهم فيأخذون منه من سبت إلى سبت - قالوا : فما نلبس ؟ قال : لا يخلق لأحد منكم ثوب أربعين سنة . قالوا : فما نحتذي ؟ قال : لا ينقطع لأحدكم شسع أربعين سنة . قالوا : فإن يولد فينا أولاد ، فما نكسوهم ؟ قال : ثوب الصغير يشب معه . قالوا : فمن أين لنا الماء ؟ قال : يأتيكم به الله . قالوا : فمن أين ؟ إلا أن يخرج لنا من الحجر ! فأمر الله تبارك وتعالى موسى  أن يضرب بعصاه الحجر . قالوا : فما نبصر ! تغشانا الظلمة ! فضرب لهم عمودا من نور في وسط عسكرهم ، أضاء عسكرهم كله ، قالوا : فبم نستظل ؟ فإن الشمس علينا شديدة ! قال : يظلكم الله بالغمام . 
996 - حدثني  يونس بن عبد الأعلى  قال ، أخبرنا ابن وهب ،  قال ابن زيد  ، فذكر نحو حديث موسى بن هارون ،  عن عمرو بن حماد  ، عن أسباط  ، عن  السدي   . 
997 - حدثني القاسم بن الحسن  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج  قال ، قال  ابن جريج   : قال  عبد الله بن عباس   : خلق لهم في التيه ثياب لا تخلق  [ ص: 101 ] ولا تدرن . قال ، وقال  ابن جريج   : إن أخذ الرجل من المن والسلوى فوق طعام يوم فسد ، إلا أنهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت ، فلا يصبح فاسدا . 
				
						
						
