القول في تأويل قوله تعالى ( وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون    ( 57 ) ) 
وهذا أيضا من الذي استغني بدلالة ظاهره على ما ترك منه . وذلك أن معنى  [ ص: 102 ] الكلام : كلوا من طيبات ما رزقناكم . فخالفوا ما أمرناهم به وعصوا ربهم ، ثم رسولنا إليهم ، و" ما ظلمونا " ، فاكتفى بما ظهر عما ترك . 
وقوله : ( وما ظلمونا ) يقول : وما ظلمونا بفعلهم ذلك ومعصيتهم ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون . 
ويعني بقوله : ( وما ظلمونا ) ، وما وضعوا فعلهم ذلك وعصيانهم إيانا موضع مضرة علينا ومنقصة لنا ، ولكنهم وضعوه من أنفسهم موضع مضرة عليها ومنقصة لها . كما : - 
999 - حدثنا عن المنجاب  قال ، حدثنا بشر  ، عن أبي روق  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس   : ( وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون   ) قال : يضرون . 
وقد دللنا فيما مضى ، على أن أصل " الظلم " :  وضع الشيء في غير موضعه - بما فيه الكفاية ، فأغنى ذلك عن إعادته . 
وكذلك ربنا جل ذكره ، لا تضره معصية عاص ، ولا يتحيف خزائنه ظلم ظالم ، ولا تنفعه طاعة مطيع ، ولا يزيد في ملكه عدل عادل ، بل نفسه يظلم الظالم ، وحظها يبخس العاصي ، وإياها ينفع المطيع ، وحظها يصيب العادل . 
				
						
						
