[ ص: 88 ] القول في والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ( 74 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ( والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا ) ، آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين معه ونصروهم ، ونصروا دين الله ، أولئك هم أهل الإيمان بالله ورسوله حقا ، لا من آمن ولم يهاجر دار الشرك ، وأقام بين أظهر أهل الشرك ، ولم يغز مع المسلمين عدوهم ( لهم مغفرة ) ، يقول : لهم ستر من الله على ذنوبهم ، بعفوه لهم عنها ( ورزق كريم ) ، يقول : لهم في الجنة مطعم ومشرب هني كريم ، لا يتغير في أجوافهم فيصير نجوا ، ولكنه يصير رشحا كرشح المسك
وهذه الآية تنبئ عن صحة ما قلنا : أن معنى قول الله : ( بعضهم أولياء بعض ) في هذه الآية ، وقوله : ( ما لكم من ولايتهم من شيء ) ، إنما هو النصرة والمعونة ، دون الميراث . لأنه - جل ثناؤه - عقب ذلك بالثناء على المهاجرين والأنصار والخبر عما لهم عنده ، دون من لم يهاجر بقوله : ( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا ) ، الآية [ ص: 89 ] ، ولو كان مرادا بالآيات قبل ذلك ، الدلالة على حكم ميراثهم ، لم يكن عقيب ذلك إلا الحث على إمضاء الميراث على ما أمر . وفي صحة ذلك كذلك ، الدليل الواضح على أن لا ناسخ في هذه الآيات لشيء ، ولا منسوخ .