القول في وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم ( 75 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ( والمتناسبون بالأرحام بعضهم أولى ببعض ) ، في الميراث ، إذا كانوا ممن قسم الله له منه نصيبا وحظا ، من الحليف والولي ( في كتاب الله ) ، يقول : في حكم الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ والسابق من القضاء ( إن الله بكل شيء عليم ) ، يقول : إن الله عالم بما يصلح عباده ، في توريثه بعضهم من بعض في القرابة والنسب ، دون الحلف بالعقد ، وبغير ذلك من الأمور كلها ، لا يخفى عليه شيء منها .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16353 - حدثنا قال : حدثنا أحمد بن المقدام المعتمر بن سليمان قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا قتادة أنه قال : كان لا يرث الأعرابي المهاجر ، حتى أنزل الله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) .
16354 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن المثنى معاذ بن معاذ قال : حدثنا ابن عون ، عن عيسى بن الحارث : أن أخاه شريح بن الحارث كانت له سرية ، فولدت منه جارية ، فلما شبت الجارية زوجت ، فولدت غلاما ، ثم ماتت السرية ، واختصم شريح بن الحارث والغلام إلى شريح القاضي في ميراثها ، فجعل شريح بن الحارث يقول : ليس له ميراث في كتاب الله! قال : فقضى شريح بالميراث للغلام . قال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ، فركب ميسرة بن يزيد إلى ابن الزبير ، فأخبره بقضاء شريح وقوله ، فكتب ابن [ ص: 91 ] الزبير إلى شريح : "إن ميسرة أخبرني أنك قضيت بكذا وكذا" ، وقلت : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ، وإنه ليس كذلك ، إنما نزلت هذه الآية : أن الرجل كان يعاقد الرجل يقول : "ترثني وأرثك" ، فنزلت : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ، فجاء بالكتاب إلى شريح ، فقال شريح : أعتقها حيتان بطنها! وأبى أن يرجع عن قضائه .
16355 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ، عن ابن علية ابن عون قال : حدثني عيسى بن الحارث قال : كانت لشريح بن الحارث سرية ، فذكر نحوه إلا إنه قال في حديثه : كان الرجل يعاقد الرجل يقول : "ترثني وأرثك" ، فلما نزلت ترك ذلك .
آخر تفسير "سورة الأنفال"
والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله .