القول في تأويل قوله تعالى : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم  وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون   ( 8 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول ، تعالى ذكره : ولئن أخرنا عن هؤلاء المشركين من قومك ، يا محمد  العذاب فلم نعجله لهم ، وأنسأنا في آجالهم إلى ( أمة معدودة   ) ، ووقت محدود وسنين معلومة . 
وأصل " الأمة " ما قد بينا فيما مضى من كتابنا هذا ، أنها الجماعة من الناس تجتمع على مذهب ودين ، ثم تستعمل في معان كثيرة ترجع إلى معنى الأصل الذي ذكرت . وإنما قيل للسنين المعدودة والحين في هذا الموضع ونحوه : أمة ، لأن فيها تكون الأمة . 
وإنما معنى الكلام : ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى مجيء أمة وانقراض أخرى قبلها .  [ ص: 253 ] 
وبنحو الذي قلنا من أن معنى " الأمة " في هذا الموضع ، الأجل والحين ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
17991 - حدثنا  محمد بن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  وحدثني المثنى  قال : حدثنا أبو نعيم  قال : حدثنا  سفيان الثوري  عن عاصم  عن أبي رزين  عن ابن عباس   . وحدثنا الحسن بن يحيي قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا الثوري  عن عاصم  عن أبي رزين  عن ابن عباس   : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة   ) ، قال : إلى أجل محدود . 
17992 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن سفيان  عن عاصم  عن أبي رزين  عن ابن عباس  بمثله . 
17994 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا محمد بن ثور  عن معمر  عن قتادة   : ( إلى أمة معدودة   ) ، قال : أجل معدود . 
17995 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا المحاربي  عن جويبر  عن الضحاك  قال : إلى أجل معدود . 
17996 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  قال : حدثنا عيسى  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد :   ( إلى أمة معدودة   ) ، قال : إلى حين . 
17997 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد  مثله . 
17998 - . . . . قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الله  عن ورقاء  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد  مثله . 
17999 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  عن  ابن جريج   : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة   ) ، يقول : أمسكنا  [ ص: 254 ] عنهم العذاب ( إلى أمة معدودة   ) ، قال  ابن جريج  قال مجاهد :  إلى حين . 
18000 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة   ) ، يقول : إلى أجل معلوم . 
وقوله : ( ليقولن ما يحبسه   ) ، يقول : " ليقولن " هؤلاء المشركون " ما يحبسه " ؟ أي شيء يمنعه من تعجيل العذاب الذي يتوعدنا به ؟ تكذيبا منهم به ، وظنا منهم أن ذلك إنما أخر عنهم لكذب المتوعد كما : 
18002 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  عن  ابن جريج  قال : قوله : ( ليقولن ما يحبسه   ) ، قال : للتكذيب به ، أو أنه ليس بشيء . 
وقوله : ( ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم   ) ، يقول تعالى ذكره تحقيقا لوعيده وتصحيحا لخبره : ( ألا يوم يأتيهم   ) العذاب الذي يكذبون به ( ليس مصروفا عنهم   ) ، يقول : ليس يصرفه عنهم صارف ، ولا يدفعه عنهم دافع ، ولكنه يحل بهم فيهلكهم ( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون   ) ، يقول : ونزل بهم وأصابهم الذي كانوا به يسخرون من عذاب الله . وكان استهزاؤهم به الذي ذكره الله قيلهم قبل نزوله ( ما يحبسه   ) و " هلا تأتينا " ؟ . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك كان بعض أهل التأويل يقول .  [ ص: 255 ] 
ذكر من قال ذلك : 
18003 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد :   ( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون   ) ، قال : ما جاءت به أنبياؤهم من الحق . 
				
						
						
