قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولما جاءت ملائكتنا لوطا ، ساءه مجيئهم وهو "فعل" من "السوء" ( وضاق بهم ) ، بمجيئهم ( ذرعا ) ، يقول : وضاقت نفسه غما بمجيئهم . وذلك أنه لم يكن يعلم أنهم رسل الله في حال ما ساءه مجيئهم ، وعلم من قومه ما هم عليه من إتيانهم الفاحشة ، وخاف عليهم ، فضاق من أجل ذلك بمجيئهم ذرعا ، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن أضيافه ، ولذلك قال : ( هذا يوم عصيب ) . [ ص: 408 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
ذكر من قال ذلك :
18350 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا ) ، يقول : ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا بأضيافه .
18351 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن حذيفة أنه قال : لما جاءت الرسل لوطا أتوه وهو في أرض له يعمل فيها ، وقد قيل لهم ، والله أعلم : لا تهلكوهم حتى يشهد لوط . قال : فأتوه فقالوا : إنا متضيفوك الليلة ، فانطلق بهم ، فلما مضى ساعة التفت فقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ والله ما أعلم على ظهر الأرض أناسا أخبث منهم ! قال : فمضى معهم . ثم قال الثانية مثل ما قال ، فانطلق بهم . فلما بصرت بهم عجوز السوء امرأته ، انطلقت فأنذرتهم .
18352 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال ، قال حذيفة ، فذكر نحوه .
18353 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا الحكم بن بشير قال ، حدثنا عن عمرو بن قيس الملائي ، عن سعيد بن بشير ، قتادة ، قال : أتت الملائكة لوطا وهو في مزرعة له ، وقال الله للملائكة : إن شهد لوط عليهم أربع شهادات فقد أذنت لكم في هلكتهم . فقالوا : يا لوط ، إنا نريد أن نضيفك الليلة . فقال : وما بلغكم من أمرهم؟ قالوا : وما أمرهم؟ قال : أشهد بالله إنها لشر قرية في الأرض عملا ! يقول ذلك أربع مرات ، فشهد عليهم لوط أربع شهادات ، فدخلوا معه منزله .
18354 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، [ ص: 409 ] حدثنا أسباط ، عن قال ، خرجت الملائكة من عند السدي إبراهيم نحو قرية لوط ، فأتوها نصف النهار ، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها ، وكانت له ابنتان ، اسم الكبرى " ريثا " ، والصغرى " زغرتا " ، فقالوا لها : يا جارية ، هل من منزل؟ قالت : نعم ، فمكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم ! فرقت عليهم من قومها . فأتت أباها فقالت : يا أبتاه أرادك فتيان على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم أحسن منهم ، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم ! وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا فقالوا : خل عنا فلنضف الرجال ! فجاء بهم ، فلم يعلم أحد إلا أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، قالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط ! فجاءه قومه يهرعون إليه .
18355 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : خرجت الرسل فيما يزعم أهل التوراة من عند إبراهيم إلى لوط بالمؤتفكة ، فلما جاءت الرسل لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا ، وذلك من تخوف قومه عليهم أن يفضحوه في ضيفه ، فقال : ( هذا يوم عصيب ) .
وأما قوله : ( وقال هذا يوم عصيب ) ، فإنه يقول : وقال لوط : هذا اليوم يوم شديد شره ، عظيم بلاؤه ، يقال منه : عصب يومنا هذا يعصب عصبا ، ومنه قول عدي بن زيد :
وكنت لزاز خصمك لم أعرد وقد سلكوك في يوم عصيب
[ ص: 410 ]وقول الراجز :
يوم عصيب يعصب الأبطالا عصب القوي السلم الطوالا
وقول الآخر :
وإنك إن لا ترض بكر بن وائل يكن لك يوم بالعراق عصيب
وقال كعب بن جعيل :
وملبون بالحضيض فئام عارفات منه بيوم عصيب
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 411 ]
18356 - حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( عصيب ) ، : شديد
18357 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : ( هذا يوم عصيب ) ، يقول شديد .
18358 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : ( هذا يوم عصيب ) ، أي يوم بلاء وشدة .
18359 - حدثنا ابن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( يوم عصيب ) ، شديد .
18360 - حدثني علي قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( وقال هذا يوم عصيب ) ، أي : يوم شديد .