القول في تأويل قوله تعالى : ( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ    ( 86 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بقوله : ( بقية الله خير لكم   ) ، ما أبقاه الله لكم ، بعد أن توفوا الناس حقوقهم بالمكيال والميزان بالقسط ، فأحله لكم ، خير لكم من الذي يبقى لكم ببخسكم الناس من حقوقهم بالمكيال والميزان ( إن كنتم مؤمنين   ) ، يقول : إن كنتم مصدقين بوعد الله ووعيده ، وحلاله وحرامه . 
وهذا قول روي عن ابن عباس  بإسناد غير مرتضي عند أهل النقل . 
وقد اختلف أهل التأويل في ذلك . 
فقال بعضهم معناه : طاعة الله خير لكم . 
ذكر من قال ذلك : 
18477 - حدثنا أبو كريب  قال ، حدثنا  وكيع  ، وحدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن ليث ،  عن مجاهد   : ( بقية الله خير لكم   ) ، قال : طاعة الله خير لكم . 
18478 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا حكام ،  عن عنبسة ،  عن محمد  [ ص: 448 ] بن عبد الرحمن ،  عن القاسم بن أبي بزة ،  عن مجاهد   : ( بقية الله   ) قال : طاعة الله ( خير لكم   ) . 
18479 - حدثني محمد بن عمرو  قال ، حدثنا أبو عاصم  قال ، حدثنا عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   : ( بقية الله   ) ، قال : طاعة الله . 
18480 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا الثوري ،  عن ليث ،  عن مجاهد   : ( بقية الله خير لكم   ) ، قال : طاعة الله خير لكم . 
18481 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا أبو حذيفة  قال ، حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   : ( بقية الله خير لكم   ) ، قال : طاعة الله . 
18482 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد ،  نحوه . 
وقال آخرون : معنى ذلك : حظكم من ربكم خير لكم . 
ذكر من قال ذلك : - 
18483 - حدثنا بشر  قال ، حدثنا يزيد  قال ، حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : ( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين   ) ، حظكم من ربكم خير لكم . 
18484 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة  في قوله : ( بقية الله خير لكم   ) ، قال : حظكم من الله خير لكم . 
وقال آخرون : معناه : رزق الله خير لكم . 
ذكر من قال ذلك : 
18485 - حدثني الحارث  قال ، حدثنا عبد العزيز  قال ، حدثنا سفيان ،  عمن ذكره ، عن ابن عباس   : ( بقية الله   ) قال رزق الله .  [ ص: 449 ] 
وقال ابن زيد  في قوله ما : - 
18486 - حدثني يونس  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد  في قوله : ( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين   ) ، قال : "الهلاك " ، في العذاب ، و"البقية" في الرحمة . 
قال أبو جعفر   : وإنما اخترت في تأويل ذلك القول الذي اخترته ، لأن الله تعالى ذكره إنما تقدم إليهم بالنهي عن بخس الناس أشياءهم في المكيال والميزان ، وإلى ترك التطفيف في الكيل والبخس في الميزان دعاهم شعيب ،  فتعقيب ذلك بالخبر عما لهم من الحظ في الوفاء في الدنيا والآخرة ، أولى مع أن قوله : ( بقية ) ، إنما هي مصدر من قول القائل "بقيت بقية من كذا" ، فلا وجه لتوجيه معنى ذلك إلا إلى : بقية الله التي أبقاها لكم مما لكم بعد وفائكم الناس حقوقهم خير لكم من بقيتكم من الحرام الذي يبقى لكم من ظلمكم الناس ببخسهم إياهم في الكيل والوزن . 
وقوله : ( وما أنا عليكم بحفيظ   ) ، يقول : وما أنا عليكم ، أيها الناس ، برقيب أرقبكم عند كيلكم ووزنكم ، هل توفون الناس حقوقهم أم تظلمونهم؟ وإنما علي أن أبلغكم رسالة ربي ، فقد أبلغتكموها . 
				
						
						
