[ ص: 450 ] القول في قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ( 87 ) ) تأويل قوله تعالى : (
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال قوم شعيب : يا شعيب ، أصلواتك تأمرك أن نترك عبادة ما يعبد آباؤنا من الأوثان والأصنام ( أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، من كسر الدراهم وقطعها ، وبخس الناس في الكيل والوزن ( إنك لأنت الحليم ) ، وهو الذي لا يحمله الغضب أن يفعل ما لم يكن ليفعله في حال الرضى ، ( الرشيد ) ، يعني : رشيد الأمر في أمره إياهم أن يتركوا عبادة الأوثان ، كما : -
18487 - حدثنا محمود بن خداش قال ، حدثنا حماد بن خالد الخياط قال ، حدثنا داود بن قيس ، عن في قول الله : ( زيد بن أسلم أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ) قال : كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم أو قال : قطع الدراهم ، الشك من حماد .
18488 - حدثنا سهل بن موسى الرازي قال ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن [ ص: 451 ] أبي مودود قال : سمعت يقول : بلغني أن محمد بن كعب القرظي قوم شعيب عذبوا في قطع الدراهم ، وجدت ذلك في القرآن : ( أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) .
18489 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عن زيد بن حباب ، موسى بن عبيدة ، عن قال : عذب محمد بن كعب القرظي قوم شعيب في قطعهم الدراهم فقالوا : ( يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ) .
18490 - . . . . قال ، حدثنا حماد بن خالد الخياط ، عن داود بن قيس ، عن في قوله : ( زيد بن أسلم أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، قال : كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم .
18491 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ) ، قال : نهاهم عن قطع الدنانير والدراهم فقالوا : إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء ، إن شئنا قطعناها ، وإن شئنا حرقناها ، وإن شئنا طرحناها !
18492 - . . . . قال وأخبرنا ابن وهب قال ، وأخبرني داود بن قيس المري : أنه سمع يقول في قول الله : ( زيد بن أسلم قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، قال زيد : كان من ذلك قطع الدراهم .
وقوله : ( أصلاتك ) ، كان الأعمش يقول في تأويلها ما : -
18493 - حدثنا الحسن قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري عن [ ص: 452 ] الأعمش في قوله : ( أصلاتك ) قال : قراءتك .
فإن قال قائل : وكيف قيل : ( أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، وإنما كان شعيب نهاهم أن يفعلوا في أموالهم ما قد ذكرت أنه نهاهم عنه فيها؟
قيل : إن معنى ذلك بخلاف ما توهمت . وقد اختلف أهل العربية في معنى ذلك .
فقال بعض البصريين : معنى ذلك : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء وليس معناه : تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، لأنه ليس بذا أمرهم .
وقال بعض الكوفيين نحو هذا القول قال . وفيها وجه آخر يجعل الأمر كالنهي ، كأنه قال : أصلواتك تأمرك بذا ، وتنهانا عن ذا؟ فهي حينئذ مردودة على أن الأولى منصوبة بقوله "تأمرك " ، وأن الثانية منصوبة عطفا بها على "ما" التي في قوله : ( ما يعبد ) . وإذا كان ذلك كذلك ، كان معنى الكلام : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء .
وقد ذكر عن بعض القراء أنه قرأه ( ما تشاء ) .
قال أبو جعفر : فمن قرأ ذلك كذلك ، فلا مؤونة فيه ، وكانت "أن" الثانية حينئذ معطوفة على "أن" الأولى .
وأما قوله لشعيب : ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) فإنهم أعداء الله ، قالوا ذلك له استهزاء به ، وإنما سفهوه وجهلوه بهذا الكلام . [ ص: 453 ]
وبما قلنا من ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : -
18494 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن : ( ابن جريج إنك لأنت الحليم الرشيد ) ، قال : يستهزئون .
18495 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) ، المستهزئون ، يستهزئون : بأنك لأنت الحليم الرشيد !