[ ص: 445 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم  لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب   ( 30 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : هكذا أرسلناك يا محمد  في جماعة من الناس يعني إلى جماعة قد خلت من قبلها جماعات على مثل الذي هم عليه ، فمضت ( لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك   ) ، يقول : لتبلغهم ما أرسلتك به إليهم من وحيي الذي أوحيته إليك ( وهم يكفرون بالرحمن   ) ، يقول : وهم يجحدون وحدانية الله ، ويكذبون بها ( قل هو ربي   ) ، يقول : إن كفر هؤلاء الذين أرسلتك إليهم ، يا محمد  بالرحمن ، فقل أنت : الله ربي ( لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب   ) ، يقول : وإليه مرجعي وأوبتي . 
وهو مصدر من قول القائل : "تبت متابا وتوبة . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
20397 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( وهم يكفرون بالرحمن   ) . ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حين صالح قريشا كتب : "هذا ما صالح عليه محمد رسول الله . فقال  [ ص: 446 ] مشركو قريش : لئن كنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قاتلناك لقد ظلمناك! ولكن اكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله . فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعنا يا رسول الله نقاتلهم! فقال : لا ولكن اكتبوا كما يريدون إني محمد بن عبد الله . فلما كتب الكاتب : "بسم الله الرحمن الرحيم" قالت قريش : أما "الرحمن" فلا نعرفه؛ وكان أهل الجاهلية يكتبون : "باسمك اللهم" فقال أصحابه : يا رسول الله ، دعنا نقاتلهم! قال : لا ولكن اكتبوا كما يريدون"  . 
20398 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  ، عن  ابن جريج  ، عن مجاهد  قال قوله : ( كذلك أرسلناك في أمة قد خلت   ) الآية ، قال : هذا لما كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا في الحديبية ، كتب : "بسم الله الرحمن الرحيم" قالوا : لا تكتب "الرحمن" وما ندري ما "الرحمن" ولا تكتب إلا "باسمك اللهم" . قال الله : ( وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو   ) ، الآية  . 
				
						
						
