[ ص: 19 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( 37 ) )
وقال إبراهيم خليل الرحمن هذا القول حين أسكن إسماعيل وأمه هاجر - فيما ذكر - مكة .
كما حدثني يعقوب بن إبراهيم والحسن بن محمد قالا ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، قال : نبئت عن سعيد بن جبير ، أنه حدث عن ابن عباس ، قال : الصفا والمروة لأم إسماعيل ، وإن أول ما أحدث نساء العرب جر الذيول أن أم إسماعيل ، قال : لما فرت من سارة ، أرخت من ذيلها لتعفي أثرها ، فجاء بها إبراهيم ومعها إسماعيل حتى انتهى بهما إلى موضع البيت ، فوضعهما ثم رجع ، فاتبعته ، فقالت : إلى أي شيء تكلنا؟ إلى طعام تكلنا؟ إلى شراب تكلنا؟ فجعل لا يرد عليها شيئا ، فقالت : آلله أمرك بهذا؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا . قال : فرجعت ومضى حتى إذا استوى على ثنية كداء ، أقبل على الوادي فدعا ، فقال ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) قال : ومع الإنسانة شنة فيها ماء ، فنفد الماء فعطشت وانقطع لبنها ، فعطش الصبي ، فنظرت أي الجبال أدنى من الأرض ، فصعدت بالصفا ، فتسمعت هل تسمع صوتا أو ترى أنيسا؟ فلم تسمع ، فانحدرت ، فلما أتت على الوادي سعت وما تريد السعي ، كالإنسان المجهود الذي يسعى وما يريد السعي ، فنظرت أي الجبال أدنى من الأرض ، فصعدت المروة فتسمعت هل تسمع صوتا ، أو ترى أنيسا ، فسمعت صوتا ، فقالت كالإنسان الذي يكذب سمعه : صه ، حتى استيقنت ، فقالت : قد أسمعتني صوتك فأغثني ، فقد هلكت وهلك من معي ، فجاء الملك فجاء بها حتى انتهى بها إلى موضع زمزم ، فضرب بقدمه ففارت عينا ، فعجلت الإنسانة فجعلت في شنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رحم الله أم إسماعيل لولا أنها [ ص: 20 ] عجلت لكانت زمزم عينا معينا " . وقال لها الملك : لا تخافي الظمأ على أهل هذا البلد ، فإنما هي عين لشرب ضيفان الله ، وقال : إن أبا هذا الغلام سيجيء ، فيبنيان لله بيتا هذا موضعه ، قال : ومرت رفقة من جرهم تريد الشام ، فرأوا الطير على الجبل ، فقالوا : إن هذا الطير لعائف على ماء ، فهل علمتم بهذا الوادي من ماء؟ فقالوا : لا فأشرفوا فإذا هم بالإنسانة ، فأتوها فطلبوا إليها أن ينزلوا معها ، فأذنت لهم ، قال : وأتى عليها ما يأتي على هؤلاء الناس من الموت ، فماتت ، وتزوج إسماعيل امرأة منهم ، فجاء إبراهيم فسأل عن منزل إسماعيل حتى دل عليه ، فلم يجده ، ووجد امرأة له فظة غليظة ، فقال لها : إذا جاء زوجك فقولي له : جاء هنا شيخ من صفته كذا وكذا ، وإنه يقول لك : إني لا أرضى لك عتبة بابك فحولها ، وانطلق ، فلما جاء إسماعيل أخبرته ، فقال : ذلك أبي وأنت عتبة بأبي ، فطلقها وتزوج امرأة أخرى منهم ، وجاء إبراهيم حتى انتهى إلى منزل إسماعيل ، فلم يجده ، ووجد امرأة له سهلة طليقة ، فقال لها : أين انطلق زوجك؟ فقالت : انطلق إلى الصيد ، قال : فما طعامكم؟ قالت : اللحم والماء ، قال : اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم ، اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم ثلاثا ، وقال لها : إذا جاء زوجك فأخبريه ، قولي : جاء هنا شيخ من صفته كذا وكذا ، وإنه يقول لك : قد رضيت لك عتبة بابك ، فأثبتها ، فلما جاء إسماعيل أخبرته . قال : ثم جاء الثالثة ، فرفعا القواعد من البيت . إن أول من سعى بين
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إبراهيم بإسماعيل وهاجر ، فوضعهما بمكة في موضع زمزم ، فلما مضى نادته هاجر : يا إبراهيم إنما أسألك ثلاث مرات : من أمرك أن تضعني بأرض ليس فيها ضرع ولا زرع ، ولا أنيس ، ولا زاد ولا ماء؟ قال : ربي أمرني ، قالت : فإنه لن يضيعنا قال : فلما قفا إبراهيم قال ( ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن ) يعني من الحزن ( وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء ) [ ص: 21 ] فلما ظمئ إسماعيل جعل يدحض الأرض بعقبه ، فذهبت هاجر حتى علت الصفا ، والوادي يومئذ لاخ ، يعني عميقا ، فصعدت الصفا ، فأشرفت لتنظر هل ترى شيئا؟ فلم تر شيئا ، فانحدرت فبلغت الوادي ، فسعت فيه حتى خرجت منه ، فأتت المروة ، فصعدت فاستشرفت هل ترى شيئا ، فلم تر شيئا . ففعلت ذلك سبع مرات ، ثم جاءت من المروة إلى إسماعيل ، وهو يدحض الأرض بعقبه ، وقد نبعت العين وهي زمزم . فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء ، فكلما اجتمع ماء أخذته بقدحها ، وأفرغته في سقائها . قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يرحمها الله لو تركتها لكانت عينا سائحة تجري إلى يوم القيامة" . قال : وكانت جرهم يومئذ بواد قريب من مكة ، قال : ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء ، فلما رأت جرهم الطير لزمت الوادي ، قالوا : ما لزمته إلا وفيه ماء ، فجاءوا إلى هاجر ، فقالوا : إن شئت كنا معك وآنسناك والماء ماؤك ، قالت : نعم . فكانوا معها حتى شب إسماعيل ، وماتت هاجر فتزوج إسماعيل امرأة منهم ، قال : فاستأذن إبراهيم سارة أن يأتي ، هاجر ، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل ، فقدم إبراهيم وقد ماتت هاجر ، فذهب إلى بيت إسماعيل ، فقال لامرأته : أين صاحبك؟ قالت : ليس هاهنا ذهب يتصيد ، وكان إسماعيل يخرج من الحرم فيتصيد ثم يرجع ، فقال إبراهيم : هل عندك ضيافة ، هل عندك طعام أو شراب؟ قالت : ليس عندي ، وما عندي أحد . فقال إبراهيم : إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له : فليغير عتبة بابه! وذهب إبراهيم ، وجاء إسماعيل ، فوجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد؟ فقالت : جاءني شيخ كذا وكذا ، كالمستخفة بشأنه ، قال : فما قال لك؟ قالت : قال لي : أقرئي زوجك السلام وقولي له : فليغير عتبة بابه ، فطلقها وتزوج أخرى . فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل ، فأذنت له ، وشرطت عليه أن لا ينزل ، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل ، فقال لامرأته : أين صاحبك؟ قالت : ذهب يصيد ، وهو يجيء الآن إن شاء الله ، فانزل يرحمك الله قال لها : هل عندك ضيافة؟ قالت : نعم ، قال : هل عندك خبز أو بر أو تمر أو شعير؟ قالت : لا . فجاءت باللبن واللحم ، فدعا لهما بالبركة ، فلو [ ص: 22 ] جاءت يومئذ بخبز أو بر أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برا وشعيرا وتمرا ، فقالت له : انزل حتى أغسل رأسك ، فلم ينزل ، فجاءته بالمقام فوضعته عن شقه الأيمن ، فوضع قدمه عليه ، فبقي أثر قدمه عليه ، فغسلت شق رأسه الأيمن ، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر فغسلت شقه الأيسر ، فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام ، وقولي له : قد استقامت عتبة بابك ، فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد؟ فقالت : نعم ، شيخ أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا ، فقال لي كذا وكذا ، وقلت له كذا وكذا ، وغسلت رأسه ، وهذا موضع قدمه على المقام . قال : وما قال لك؟ قالت : قال لي : إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له : قد استقامت عتبة بابك ، قال : ذاك إبراهيم ، فلبث ما شاء الله أن يلبث ، وأمره الله ببناء البيت ، فبناه هو وإسماعيل ، فلما بنياه قيل : أذن في الناس بالحج ، فجعل لا يمر بقوم إلا قال : أيها الناس إنه قد بني لكم بيت فحجوه ، فجعل لا يسمعه أحد ، صخرة ولا شجرة ولا شيء ، إلا قال : لبيك اللهم لبيك . قال : وكان بين قوله ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) وبين قوله ( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق ) كذا وكذا عاما ، لم يحفظ عطاء . جاء نبي الله
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) وإنه بيت طهره الله من السوء ، وجعله قبلة ، وجعله حرمه ، اختاره نبي الله إبراهيم لولده .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( غير ذي زرع ) قال : مكة لم يكن بها زرع يومئذ .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، قال : أخبرني ابن جريج ابن كثير ، قال القاسم في حديثه : قال : أخبرني عمرو بن كثير "قال أبو جعفر " : فغيرته أنا فجعلته : قال أخبرني ابن كثير ، وأسقطت عمرا ، لأني لا أعرف إنسانا يقال له عمرو بن كثير حدث عنه ، وقد حدث به ابن جريج معمر عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة ، وأخشى أن يكون حديث [ ص: 23 ] أيضا عن ابن جريج كثير بن كثير ، قال : كنت أنا وعثمان بن أبي سليمان في أناس مع سعيد بن جبير ليلا فقال سعيد بن جبير للقوم : سلوني قبل ألا تسألوني ، فسأله القوم فأكثروا ، وكان فيما سئل عنه أن قيل له : أحق ما سمعنا في المقام ، فقال سعيد : ماذا سمعتم؟ قالوا : سمعنا أن إبراهيم رسول الله حين جاء من الشام ، كان حلف لامرأته أن لا ينزل مكة حتى يرجع ، فقرب له المقام ، فنزل عليه ، فقال سعيد : ليس كذاك : حدثنا ابن عباس ، ولكنه حدثنا حين كان بين أم إسماعيل وسارة ما كان أقبل بإسماعيل ، ثم ذكر مثل حديث أيوب غير أنه زاد في حديثه ، قال : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : طلبوا النزول معها وقد أحبت أم إسماعيل الأنس ، فنزلوا وبعثوا إلى أهلهم فقدموا ، وطعامهم الصيد ، يخرجون من الحرم ويخرج إسماعيل معهم يتصيد ، فلما بلغ أنكحوه ، وقد توفيت أمه قبل ذلك" . قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما دعا لهما أن يبارك لهم في اللحم والماء ، قال لها هل من حب أو غيره من الطعام؟ قالت : لا ولو وجد يومئذ لها حبا لدعا لها بالبركة فيه" . قال ابن عباس : ثم لبث ما شاء الله أن يلبث ، ثم جاء فوجد إسماعيل قاعدا تحت دوحة إلى ناحية البئر يبري نبلا له ، فسلم عليه ونزل إليه ، فقعد معه وقال : يا إسماعيل ، إن الله قد أمرني بأمر ، قال إسماعيل : فأطع ربك فيما أمرك ، قال إبراهيم : أمرني أن أبني له بيتا ، قال إسماعيل : ابن ، قال ابن عباس : فأشار له إبراهيم إلى أكمة بين يديه مرتفعة على ما حولها يأتيها السيل من نواحيها ، ولا يركبها . قال : فقاما يحفران عن القواعد يرفعانها ويقولان ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) ربنا تقبل منا إنك سميع الدعاء ، وإسماعيل يحمل الحجارة على رقبته ، والشيخ إبراهيم يبني . فلما ارتفع البنيان وشق على الشيخ تناوله ، قرب إليه إسماعيل هذا الحجر ، فجعل يقوم عليه ويبني ، ويحوله في نواحي البيت حتى انتهى ، يقول ابن عباس : فذلك مقام إبراهيم وقيامه عليه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع ) قال : أسكن إسماعيل وأمه مكة .
[ ص: 24 ] حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ( إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع ) قال : حين وضع إسماعيل .
قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذن : ربنا إني أسكنت بعض ولدي بواد غير ذي زرع . وفي قوله صلى الله عليه وسلم دليل على أنه لم يكن هنالك يومئذ ماء ، لأنه لو كان هنالك ماء لم يصفه بأنه غير ذي زرع عند بيتك الذي حرمته على جميع خلقك أن يستحلوه .
وكان تحريمه إياه فيما ذكر كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن قال في خطبته : إن هذا عمر بن الخطاب البيت أول من وليه أناس من طسم ، فعصوا ربهم واستحلوا حرمته ، واستخفوا بحقه ، فأهلكهم الله . ثم وليهم أناس من جرهم فعصوا ربهم واستحلوا حرمته واستخفوا بحقه ، فأهلكهم الله . ثم وليتموه معاشر قريش ، فلا تعصوا ربه ، ولا تستحلوا حرمته ، ولا تستخفوا بحقه ، فوالله لصلاة فيه أحب إلي من مئة صلاة بغيره ، واعلموا أن المعاصي فيه على نحو من ذلك . وقال ( إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع ) ولم يأت بما وقع عليه الفعل ، وذلك أن حظ الكلام أن يقال : إني أسكنت من ذريتي جماعة ، أو رجلا أو قوما ، وذلك غير جائز مع "من" لدلالتها على المراد من الكلام ، والعرب تفعل ذلك معها كثيرا ، فتقول : قتلنا من بني فلان ، وطعمنا من الكلأ وشربنا من الماء ، ومنه قول الله تعالى ( أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) .
فإن قال قائل : وكيف قال إبراهيم حين أسكن ابنه مكة ( إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) وقد رويت في الأخبار التي ذكرتها أن إبراهيم بنى البيت بعد ذلك بمدة . قيل : قد قيل في ذلك أقوال قد ذكرتها في سورة البقرة ، منها أن معناه : عند بيتك المحرم الذي كان قبل أن ترفعه من الأرض حين رفعته أيام الطوفان ، ومنها عند بيتك المحرم من استحلال حرمات الله فيه ، والاستخفاف بحقه . وقوله : ( ربنا ليقيموا الصلاة ) يقول : فعلت ذلك [ ص: 25 ] يا ربنا كي تؤدى فرائضك من الصلاة التي أوجبتها عليهم في بيتك المحرم . وقوله : ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) يخبر بذلك تعالى ذكره عن خليله إبراهيم أنه سأله في دعائه أن يجعل قلوب بعض خلقه تنزع إلى مساكن ذريته الذين أسكنهم بواد غير ذي زرع عند بيته المحرم . وذلك منه دعاء لهم بأن يرزقهم حج بيته الحرام .
كما حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا ، عن حكام بن سلم عمرو بن أبي قيس ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ( أفئدة من الناس تهوي إليهم ) ولو قال أفئدة الناس تهوي إليهم لحجت اليهود والنصارى والمجوس ، ولكنه قال : أفئدة من الناس تهوي إليهم فهم المسلمون .
حدثنا ، قال : ثنا محمد بن بشار عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) قال : لو كانت أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم ، ولكنه أفئدة من الناس .
حدثنا ابن حميد ، قالا ثنا وابن وكيع جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) قال : لو قال : أفئدة الناس تهوي إليهم ، لازدحمت عليهم فارس والروم .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا علي ، يعني ابن الجعد ، قال : أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا ، قال : ثنا محمد بن المثنى محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سألت عكرمة عن هذه الآية ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) فقال : قلوبهم تهوي إلى البيت .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن شعبة ، [ ص: 26 ] عن الحكم ، عن عكرمة وعطاء ( وطاوس فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) البيت تهوي إليه قلوبهم يأتونه .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : ثنا سعيد ، عن الحكم ، قال : سألت عطاء وطاوسا وعكرمة ، عن قوله ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) قالوا : الحج .
حدثنا الحسن ، قال : ثنا شبابة ، قالا أخبرنا وعلي بن الجعد سعيد ، عن الحكم ، عن عطاء وطاوس وعكرمة في قوله ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) قال : هواهم إلى مكة أن يحجوا .
حدثني المثنى ، قال : ثنا آدم ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سألت طاوسا وعكرمة ، عن قوله ( وعطاء بن أبي رباح فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) فقالوا : اجعل هواهم الحج .
حدثنا الحسن ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لو كان إبراهيم قال : فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لحجه اليهود والنصارى والناس كلهم ، ولكنه قال ( أفئدة من الناس تهوي إليهم ) .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) قال : تنزع إليهم .
حدثنا الحسن ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد ، عن قتادة ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قالا أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله .
وقال آخرون : إنما دعا لهم أن يهووا السكنى بمكة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) قال : إن إبراهيم خليل الرحمن سأل الله أن يجعل أناسا من الناس يهوون سكنى أو سكن مكة .
وقوله : ( وارزقهم من الثمرات ) يقول تعالى ذكره : وارزقهم من ثمرات النبات والأشجار ما رزقت سكان الأرياف والقرى التي هي ذوات المياه والأنهار ، وإن كنت أسكنتهم واديا غير ذي زرع ولا ماء . فرزقهم جل ثناؤه ذلك .
كما حدثنا المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا هشام ، قال : قرأت على أن محمد بن مسلم الطائفي إبراهيم لما دعا للحرم ( وارزق أهله من الثمرات ) نقل [ ص: 27 ] الله الطائف من فلسطين .
وقوله : ( لعلهم يشكرون ) يقول : ليشكروك على ما رزقتهم وتنعم به عليهم .