القول في تأويل قوله تعالى : ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ( 44 ) )
يقول تعالى ذكره : وأنذر يا محمد الناس الذين أرسلتك إليهم داعيا إلى الإسلام ما هو نازل بهم ، يوم يأتيهم عذاب الله في القيامة . ( فيقول الذين ظلموا ) يقول : فيقول الذين كفروا بربهم ، فظلموا بذلك أنفسهم ( ربنا أخرنا ) أي أخر عنا عذابك ، وأمهلنا ( إلى أجل قريب نجب دعوتك ) الحق ، فنؤمن بك ، ولا نشرك بك شيئا ، ( ونتبع الرسل ) يقولون : ونصدق رسلك فنتبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتباع أمرك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، قوله ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) [ ص: 36 ] قال : يوم القيامة ( فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب ) قال : مدة يعملون فيها من الدنيا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) يقول : أنذرهم في الدنيا قبل أن يأتيهم العذاب .
وقوله : ( فيقول الذين ظلموا ) رفع عطفا على قوله ( يأتيهم ) في قوله ( يأتيهم العذاب ) وليس بجواب للأمر ، ولو كان جوابا لقوله ( وأنذر الناس ) جاز فيه الرفع والنصب . أما النصب فكما قال الشاعر :
يا ناق سيري عنقا فسيحا إلى سليمان فنستريحا والرفع على الاستئناف . وذكر عن العلاء بن سيابة أنه كان ينكر النصب في جواب الأمر بالفاء ، قال الفراء : وكان العلاء هو الذي علم معاذا وأصحابه .