القول في تأويل قوله تعالى : ( ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون ( 56 ) )
يقول تعالى ذكره : ويجعل هؤلاء المشركون من عبدة الأوثان ، لما لا يعلمون منه ضرا ولا نفعا نصيبا . يقول : حظا وجزاء مما رزقناهم من الأموال ، إشراكا منهم له الذي يعلمون أنه خلقهم ، وهو الذي ينفعهم ويضرهم دون غيره .
كالذي حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، قوله ( ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم ) قال : يعلمون أن الله خلقهم ويضرهم وينفعهم ، ثم يجعلون لما لا يعلمون أنه يضرهم ولا ينفعهم نصيبا مما رزقناهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم ) وهم مشركو العرب ، جعلوا لأوثانهم نصيبا مما رزقناهم ، وجزءا من أموالهم يجعلونه لأوثانهم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم ) قال : جعلوا لآلهتهم التي ليس لها نصيب ولا شيء ، جعلوا لها نصيبا مما قال الله من الحرث والأنعام ، يسمون عليها أسماءها ويذبحون لها .
وقوله : ( تالله لتسألن عما كنتم تفترون ) يقول تعالى ذكره : والله أيها المشركون الجاعلون للآلهة والأنداد نصيبا فيما رزقناكم شركا بالله وكفرا ، [ ص: 227 ] ليسألنكم الله يوم القيامة عما كنتم في الدنيا تفترون ، يعني : تختلقون من الباطل والإفك على الله بدعواكم له شريكا ، وتصييركم لأوثانكم فيما رزقكم نصيبا ، ثم ليعاقبنكم عقوبة تكون جزاء لكفرانكم نعمه وافترائكم عليه .