يقول تعالى ذكره ( والله ) الذي ( جعل لكم ) أيها الناس ( من أنفسكم أزواجا ) يعني أنه خلق من آدم زوجته حواء ، ( وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ) : أي والله خلق آدم ، ثم خلق زوجته منه ثم جعل لكم بنين وحفدة .
واختلف أهل التأويل في المعنيين بالحفدة ، فقال بعضهم : هم الأختان ، أختان الرجل على بناته .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قالا ثنا وابن وكيع ، أبو معاوية ، قال : ثنا عن أبان بن تغلب ، عن المنهال بن عمرو ، ابن حبيش ، عن عبد الله ( بنين وحفدة ) قال : الأختان .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر ، عن عاصم ، عن ورقاء سألت عبد الله : ما تقول في الحفدة؟ هم حشم الرجل يا أبا عبد الرحمن؟ قال : لا ولكنهم الأختان .
[ ص: 254 ] حدثنا قال : ثنا محمد بن بشار ، عبد الرحمن ; وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قالا جميعا : ثنا سفيان ، عن عن عاصم بن بهدلة ، زر بن حبيش ، عن عبد الله ، قال : الحفدة : الأختان .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان بإسناده عن عبد الله ، مثله .
حدثنا ابن بشار وأحمد بن الوليد القرشي وابن وكيع وسوار بن عبد الله العنبري ومحمد بن خلف بن خراش والحسن بن خلف الواسطي ، قالوا : ثنا عن يحيى بن سعيد القطان ، الأعمش ، عن أبي الضحى ، قال : الحفدة : الأختان .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا هشيم ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، قال : الحفدة : الأختان .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا إسرائيل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ( بنين وحفدة ) قال : الحفدة : الأختان .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : الحفدة : الختن .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، قال : الأختان .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حفص ، عن أشعث ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : الأختان .
وحدثني المثنى ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي عن ابن عباس ، قوله ( وحفدة ) قال : الأصهار .
حدثني المثنى ، قال : ثنا الحجاج ، قال : ثنا حماد ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود ، قال : الحفدة : الأختان .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، قال : قال لي : ما الحفدة يا عبد الله بن مسعود زر؟ قال : قلت : هم أحفاد الرجل من ولده وولد [ ص: 255 ] ولده . قال : لا هم الأصهار .
وقال آخرون : هم أعوان الرجل وخدمه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن خالد بن خداش ، قال : ثني سليم بن قتيبة ، عن وهب بن حبيب الأسدي ، عن أبي حمزة ، عن ابن عباس سئل عن قوله ( بنين وحفدة ) قال : من أعانك فقد حفدك ، أما سمعت قول الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسلمت بأكفهن أزمة الأجمال
حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله ( بنين وحفدة ) قال : الحفدة : الخدام .حدثني محمد بن خالد بن خداش ، قال : ثني سلم بن قتيبة ، عن حازم بن إبراهيم البجلي ، عن سماك ، عن عكرمة ، قال : قال : الحفدة : الخدام .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عمران بن عيينة ، عن حصين ، عن عكرمة ، قال : هم الذين يعينون الرجل من ولده وخدمه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ( وحفدة ) قال : الحفدة : من خدمك من ولدك .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عن يحيى بن آدم ، سلام بن سليم ، وقيس عن سماك ، عن عكرمة ، قال : هم الخدم .
حدثنا أحمد ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سلام أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، مثله .
حدثني محمد بن خالد ، قال : ثني سلمة ، عن أبي هلال ، عن الحسن ، في قوله ( بنين وحفدة ) قال : البنين وبني البنين ، من أعانك من أهل وخادم فقد حفدك .
[ ص: 256 ] حدثني المثنى ، قال : ثنا قال : أخبرنا عمرو بن عون ، هشيم ، عن منصور ، عن الحسن ، قال : هم الخدم .
حدثني محمد بن خالد وابن وكيع ، ويعقوب بن إبراهيم ، قالوا : ثنا إسماعيل بن علية ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الحفدة : الخدم .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي وحدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، جميعا عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( بنين وحفدة ) قال : ابنه وخادمه .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى ( بنين وحفدة ) قال : أنصارا وأعوانا وخداما .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا زمعة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : الحفدة : الخدم .
حدثنا ابن بشار مرة أخرى ، قال : ابنه وخادمه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال ( وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) مهنة يمهنونك ويخدمونك من ولدك ، كرامة أكرمكم الله بها .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن عن السدي ، أبي مالك : الحفدة ، قال : الأعوان .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن حصين ، عن عكرمة ، قال : الذين يعينونه .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، في قوله ( بنين وحفدة ) قال : الحفدة : من خدمك من ولدك وولد ولدك .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن التيمي ، عن أبيه ، عن الحسن ، قال : الحفدة : الخدم .
[ ص: 257 ] حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا سفيان ، عن حصين ، عن عكرمة ( بنين وحفدة ) قال : ولده الذين يعينونه .
وقال آخرون : هم ولد الرجل وولد ولده .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا قال : ثنا محمد بن المثنى ، عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( وحفدة ) قال : هم الولد وولد الولد .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد عن وسعيد بن جبير ، ابن عباس في هذه الآية ( بنين وحفدة ) قال : الحفدة : البنون .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا غندر ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي بكر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك ، قال حميد :
حفد الولائد حولهن وأسلمت بأكفهن أزمة الأجمال
حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله ( بنين وحفدة ) يعني : ولد الرجل يحفدونه ويخدمونه ، وكانت العرب إنما تخدمهم أولادهم الذكور .
وقال آخرون : هم بنو امرأة الرجل من غيره .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : [ ص: 258 ] ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) يقول : بنو امرأة الرجل ليسوا منه ، ويقال : الحفدة : الرجل يعمل بين يدي الرجل ، يقول : فلان حفد لنا ، ويزعم رجال أن الحفدة أختان الرجل .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى أخبر عباده معرفهم نعمه عليهم ، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين ، فقال تعالى ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) فأعلمهم أنه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفدة ، والحفدة في كلام العرب : جمع حافد ، كما الكذبة : جمع كاذب ، والفسقة : جمع فاسق . والحافد في كلامهم ; هو المتخفف في الخدمة والعمل . والحفد : خفة العمل يقال : مر البعير يحفد حفدانا : إذا مر يسرع في سيره . ومنه قولهم : "إليك نسعى ونحفد" : أي نسرع إلى العمل بطاعتك . يقال منه : حفد له يحفد حفدا وحفودا وحفدانا ومنه قول الراعي :
كلفت مجهولها نوقا يمانية إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وقوله : ( ورزقكم من الطيبات ) يقول : ورزقكم من حلال المعاش والأرزاق والأقوات ، ( أفبالباطل يؤمنون ) يقول تعالى ذكره : يحرم عليهم أولياء الشيطان من البحائر والسوائب والوصائل ، فيصدق هؤلاء المشركون بالله ( وبنعمة الله هم يكفرون ) يقول : وبما أحل الله لهم من ذلك ، وأنعم عليهم بإحلاله ، يكفرون ، يقول : ينكرون تحليله ، ويجحدون أن يكون الله أحله .