يقول تعالى ذكره ( والله جعل لكم ) أيها الناس ، ( من بيوتكم ) التي هي من الحجر والمدر ، ( سكنا ) تسكنون أيام مقامكم في دوركم وبلادكم ( وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا ) وهي البيوت من الأنطاع والفساطيط من الشعر والصوف والوبر . ( تستخفونها ) يقول : تستخفون حملها ونقلها ، ( يوم ظعنكم ) من بلادكم وأمصاركم لأسفاركم ، ( ويوم إقامتكم ) في بلادكم وأمصاركم . ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ) .
وبنحو الذي قلنا في معنى السكن قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى ( من بيوتكم سكنا ) قال : تسكنون فيه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
وأما الأشعار فجمع شعر تثقل عينه وتخفف ، وواحد الشعر شعرة . وأما الأثاث فإنه متاع البيت لم يسمع له بواحد ، وهو في أنه لا واحد له مثل المتاع . وقد حكي عن بعض النحويين أنه كان يقول : واحد الأثاث أثاثة [ ص: 268 ] ولم أر أهل العلم بكلام العرب يعرفون ذلك .
ومن الدليل على أن الأثاث هو المتاع ، قول الشاعر :
أهاجتك الظعائن يوم بانوا بذي الرئي الجميل من الأثاث
ويروى : بذي الزي ، وأنا أرى أصل الأثاث اجتماع بعض المتاع إلى بعض حتى يكثر كالشعر الأثيث وهو الكثير الملتف ، يقال منه ، أث شعر فلان يئث أثا : إذا كثر والتف واجتمع .وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( أثاثا ) يعني بالأثاث : المال .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى ( أثاثا ) قال : متاعا .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( أثاثا ) قال : هو المال .
حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن حرب الرازي ، قال : أخبرنا سلمة ، [ ص: 269 ] عن محمد بن إسحاق ، عن حميد بن عبد الرحمن ، في قوله ( أثاثا ) قال : الثياب .
وقوله : ( ومتاعا إلى حين ) فإنه يعني : أنه جعل ذلك لهم بلاغا ، يتبلغون ويكتفون به إلى حين آجالهم للموت . كما حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( ومتاعا إلى حين ) فإنه يعني : زينة ، يقول : ينتفعون به إلى حين .
حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( ومتاعا إلى حين ) قال : إلى الموت .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( ومتاعا إلى حين ) إلى أجل وبلغة .