القول في تأويل قوله تعالى : ( وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ( 49 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة من مشركي قريش ، وقالوا بعنتهم : ( أئذا كنا عظاما ) لم نتحطم ولم نتكسر بعد مماتنا وبلانا ( ورفاتا ) يعني ترابا في قبورنا .
كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، يقول الله ( رفاتا ) قال : ترابا .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله ( وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا ) يقول : غبارا ، ولا واحد [ ص: 463 ] للرفات ، وهو بمنزلة الدقاق والحطام ، يقال منه : رفت يرفت رفتا فهو مرفوت : إذا صير كالحطام والرضاض .
وقوله ( أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ) قالوا ، إنكارا منهم للبعث بعد الموت : إنا لمبعوثون بعد مصيرنا في القبور عظاما غير منحطمة ، ورفاتا منحطمة ، وقد بلينا فصرنا فيها ترابا ، خلقا منشأ كما كنا قبل الممات جديدا ، نعاد كما بدئنا ، فأجابهم جل جلاله يعرفهم قدرته على بعثه إياهم بعد مماتهم ، وإنشائه لهم كما كانوا قبل بلاهم خلقا جديدا ، على أي حال كانوا من الأحوال ، عظاما أو رفاتا ، أو حجارة أو حديدا ، أو غير ذلك مما يعظم عندهم أن يحدث مثله خلقا أمثالهم أحياء ، قل يا محمد كونوا حجارة أو حديدا ، أو خلقا مما يكبر في صدوركم .