يقول تعالى ذكره : قل عسى أن يكون بعثكم أيها المشركون قريبا ، ذلك يوم يدعوكم ربكم بالخروج من قبوركم إلى موقف القيامة ، فتستجيبون بحمده .
اختلف أهل التأويل في معنى قوله ( فتستجيبون بحمده ) فقال بعضهم : فتستجيبون بأمره .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثني عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده ) يقول : بأمره .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ( ابن جريج فتستجيبون بحمده ) قال : بأمره .
وقال آخرون : معنى ذلك : فتستجيبون بمعرفته وطاعته . [ ص: 469 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده ) : أي بمعرفته وطاعته .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : معناه : فتستجيبون لله من قبوركم بقدرته ، ودعائه إياكم ، ولله الحمد في كل حال ، كما يقول القائل : فعلت ذلك الفعل بحمد الله ، يعني : لله الحمد على كل ما فعلته ، وكما قال الشاعر :
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
بمعنى : فإني والحمد لله لا ثوب فاجر لبست .
وقوله ( وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) يقول : وتحسبون عند موافاتكم القيامة من هول ما تعاينون فيها ما لبثتم في الأرض إلا قليلا كما قال جل ثناؤه ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين ) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) : أي في الدنيا ، تحاقرت الدنيا في أنفسهم وقلت ، حين عاينوا يوم القيامة .
وقوله ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :
وقل يا محمد لعبادي يقل بعضهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة .
كما حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : ثنا النضر ، قال : أخبرنا المبارك ، عن الحسن في هذه الآية ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) قال : التي هي أحسن ، لا يقول له مثل قوله يقول له : يرحمك الله يغفر الله لك .
وقوله ( إن الشيطان ينزغ بينهم ) يقول : إن الشيطان يسوء محاورة بعضهم بعضا ينزغ بينهم ، يقول : يفسد بينهم ، يهيج بينهم الشر ( إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) يقول : إن الشيطان كان لآدم وذريته عدوا ، قد أبان لهم عداوته بما أظهر لآدم من الحسد ، وغروره إياه حتى أخرجه من الجنة .