القول في تأويل قوله تعالى : ( قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا    ( 98 ) ) 
يقول عز ذكره : فلما رأى ذو القرنين  أن يأجوج  ومأجوج  لا يستطيعون أن يظهروا ما بنى من الردم ، ولا يقدرون على نقبه ، قال : هذا الذي بنيته وسويته حاجزا بين هذه الأمة ، ومن دون الردم رحمة من ربي رحم بها من دون الردم من الناس ، فأعانني برحمته لهم حتى بنيته وسويته ليكف بذلك غائلة هذه الأمة عنهم . 
وقوله ( فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء   ) يقول : فإذا جاء وعد ربي الذي جعله ميقاتا لظهور هذه الأمة وخروجها من وراء هذا الردم لهم . جعله دكاء ، يقول : سواه بالأرض ، فألزقه بها ، من قولهم : ناقة دكاء : مستوية الظهر لا سنام لها . وإنما معنى الكلام : جعله مدكوكا ، فقيل : دكاء .  [ ص: 119 ] وكان قتادة  يقول في ذلك ما حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله ( فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء   ) قال : لا أدري الجبلين يعني به ، أو ما بينهما  . 
وذكر أن ذلك يكون كذلك بعد قتل عيسى ابن مريم  عليه السلام الدجال   . 
ذكر الخبر بذلك : حدثني  أحمد بن إبراهيم الدورقي ،  قال : ثنا هشيم بن بشير ،  قال : أخبرنا العوام ،  عن  جبلة بن سحيم ،  عن مؤثر ، وهو ابن عفازة العبدي  ، عن  عبد الله بن مسعود ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقيت ليلة الإسراء إبراهيم  وموسى  وعيسى  فتذاكروا أمر الساعة ، وردوا الأمر إلى إبراهيم  فقال إبراهيم   : لا علم لي بها ، فردوا الأمر إلى موسى ، فقال موسى : لا علم لي بها ، فردوا الأمر إلى عيسى ; قال عيسى : أما قيام الساعة لا يعلمه إلا الله ، ولكن ربي قد عهد إلي بما هو كائن دون وقتها ، عهد إلي أن الدجال خارج ، وأنه مهبطي إليه ، فذكر أن معه قصبتين ، فإذا رآني أهلكه الله ، قال : فيذوب كما يذوب الرصاص ، حتى إن الحجر والشجر ليقول : يا مسلم هذا كافر فاقتله ، فيهلكهم الله ، ويرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم فيستقبلهم يأجوج ومأجوج من كل حدب ينسلون ، لا يأتون على شيء إلا أكلوه ، ولا يمرون على ماء إلا شربوه ، فيرجع الناس إلي ، فيشكونهم ، فأدعو الله عليهم فيميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم ، فينزل المطر ، فيجر أجسادهم ، فيلقيهم في البحر ، ثم ينسف الجبال حتى تكون الأرض كالأديم ، فعهد إلي ربي أن ذلك إذا كان كذلك ، فإن الساعة منهم كالحامل المتم التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها ، ليلا أو نهارا  " . 
حدثني عبيد بن إسماعيل ،  قال : ثنا المحاربي ،  عن أصبع بن زيد ،  عن العوام بن حوشب ،  عن  جبلة بن سحيم ،  ، عن مؤثر بن عفازة ،  عن  عبد الله بن مسعود ،  قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام . فتذاكروا أمر الساعة  . فذكر نحو حديث إبراهيم  [ ص: 120 ] الدورقي  عن هشيم ،  وزاد فيه : قال العوام بن حوشب   : فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله تعالى ، قال الله عز وجل ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا   ) وقال ( فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا   ) يقول : وكان وعد ربي الذي وعد خلقه في دك هذا الردم ، وخروج هؤلاء القوم على الناس ، وعيثهم فيه ، وغير ذلك من وعده حقا ، لأنه لا يخلف الميعاد فلا يقع غير ما وعد أنه كائن . 
				
						
						
