القول في تأويل قوله تعالى : ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا    ( 110 ) ) 
يقول تعالى ذكره : قل لهؤلاء المشركين يا محمد   : إنما أنا بشر مثلكم من بني آدم  لا علم لي إلا ما علمني الله وإن الله يوحي إلي أن معبودكم الذي يجب عليكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، معبود واحد لا ثاني له ، ولا شريك ( فمن كان يرجو لقاء ربه   ) يقول : فمن يخاف ربه يوم لقائه ، ويراقبه على معاصيه ، ويرجو ثوابه على طاعته ( فليعمل عملا صالحا   ) يقول : فليخلص له العبادة ، وليفرد له الربوبية . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا سفيان ،  عن الربيع بن أبي راشد ،  عن سعيد بن جبير   ( فمن كان يرجو لقاء ربه   ) قال : ثواب ربه  . 
وقوله ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا   ) يقول : ولا يجعل له شريكا في عبادته إياه ، وإنما يكون جاعلا له شريكا بعبادته إذا راءى بعمله الذي ظاهره أنه لله وهو مريد به غيره . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا  عمرو بن عبيد ،  عن عطاء ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس   ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا   )  [ ص: 136 ] 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا سفيان   ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا   ) قال : لا يرائي  . 
حدثنا الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا معمر ،  عن عبد الكريم الجزري ،  عن طاوس ،  قال : جاء رجل ، فقال : يا نبي الله إني أحب الجهاد في سبيل الله ، وأحب أن يرى موطني ويرى مكاني ، فأنزل الله عز وجل : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا   )  " 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد   ومسلم بن خالد الزنجي  عن صدقة بن يسار ،  قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه ، وزاد فيه : وإني أعمل العمل وأتصدق وأحب أن يراه الناس  " وسائر الحديث نحوه . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثنا عيسى بن يونس ،  عن الأعمش ،  قال : ثنا حمزة أبو عمارة مولى بني هاشم ،  عن  شهر بن حوشب ،  قال : " جاء رجل إلى عبادة بن الصامت ،  فسأله فقال : أنبئني عما أسألك عنه ، أرأيت رجلا يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد ويصوم ويبتغي وجه الله ويحب أن يحمد ،  فقال عبادة   : ليس له شيء ، إن الله عز وجل يقول : أنا خير شريك ، فمن كان له معي شريك فهو له كله ، لا حاجة لي فيه  " . 
حدثنا أبو عامر إسماعيل بن عمرو السكوني ،  قال : ثنا هشام بن عمار ،  قال : ثنا  ابن عياش ،  قال : ثنا عمرو بن قيس الكندي ،  أنه سمع  معاوية بن أبي سفيان  تلا هذه الآية : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا   ) وقال : إنها آخر آية نزلت من القرآن  . 
آخر تفسير سورة الكهف 
				
						
						
