[ ص: 165 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا    ( 20 ) قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا   ( 21 ) ) 
يقول تعالى ذكره : قالت مريم  لجبريل   ( أنى يكون لي غلام   ) من أي وجه يكون لي غلام؟ أمن قبل زوج أتزوج ، فأرزقه منه ، أم يبتدئ الله في خلقه ابتداء ( ولم يمسسني بشر   ) من ولد آدم  بنكاح حلال ( ولم أك   ) إذ لم يمسسني منهم أحد على وجه الحلال ( بغيا ) بغيت ففعلت ذلك من الوجه الحرام ، فحملته من زنا . 
كما حدثنا موسى ،  قال : ثنا عمرو ،  قال : ثنا أسباط ،  عن  السدي   ( ولم أك بغيا   ) يقول : زانية  ( قال كذلك قال ربك هو علي هين   ) يقول تعالى ذكره : قال لها جبريل   : هكذا الأمر كما تصفين ، من أنك لم يمسسك بشر ولم تكوني بغيا ، ولكن ربك قال : هو علي هين : أي خلق الغلام الذي قلت أن أهبه لك علي هين لا يتعذر علي خلقه وهبته لك من غير فحل يفتحلك . 
( ولنجعله آية للناس   ) يقول : وكي نجعل الغلام الذي نهبه لك علامة وحجة على خلقي أهبه لك . ( ورحمة منا   ) يقول : ورحمة منا لك ، ولمن آمن به وصدقه أخلقه منك ( وكان أمرا مقضيا   ) يقول : وكان خلقه منك أمرا قد قضاه الله ، ومضى في حكمه وسابق علمه أنه كائن منك . كما حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا سلمة ،  عن ابن إسحاق ،  قال : ثني من لا أتهم ، عن  وهب بن منبه   ( وكان أمرا مقضيا   ) أي أن الله قد عزم على ذلك ، فليس منه بد  . 
				
						
						
