القول في تأويل إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ( 96 ) قوله تعالى : ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا ( 97 ) )
يقول تعالى ذكره : إن الذين آمنوا بالله ورسله ، وصدقوا بما جاءهم من عند ربهم ، فعملوا به ، فأحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) في الدنيا ، في صدور عباده المؤمنين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يحيى بن طلحة ، قال : ثنا شريك ، عن مسلم الملائي ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) قال : محبة في الناس في الدنيا . [ ص: 262 ]
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) قال : حبا .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) قال : الود من المسلمين في الدنيا ، و الرزق الحسن ، واللسان الصادق .
حدثني يحيى بن طلحة ، قال : ثنا شريك ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد ، في قوله ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) قال : محبة في المسلمين في الدنيا .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد ، في قوله : ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) قال : يحبهم ويحببهم إلى خلقه .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) قال : يحبهم ويحببهم إلى المؤمنين .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا علي بن هاشم ، عن عن ابن أبي ليلى ، الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : يحبهم ويحببهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو ، عن قتادة ، في قوله ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) قال : ما أقبل عبد إلى الله إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه . وزاده من عنده .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) : إي والله في قلوب أهل الإيمان . ذكر لنا أن هرم بن حيان كان يقول : ما أقبل عبد بقلبه إلى الله ، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه ، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، أن كان يقول : ما من الناس عبد يعمل خيرا ولا يعمل شرا ، إلا كساه الله رداء عمله . [ ص: 263 ] عثمان بن عفان
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله ( سيجعل لهم الرحمن ودا ) قال : محبة . وذكر أن هذه الآية نزلت في عبد الرحمن بن عوف .
حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي ، قال : أخبرنا يعقوب بن محمد ، قال : ثنا عبد العزيز بن عمران ، عن عبد الله بن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن أمه أم إبراهيم ابنة أبي عبيدة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيها ، عن عبد الرحمن بن عوف ، أنه لما هاجر إلى المدينة ، وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة ، منهم شيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف ، فأنزل الله تعالى : ( إن الذي آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) .
وقوله ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين ) يقول تعالى ذكره : فإنما يسرنا يا محمد هذا القرآن بلسانك ، تقرؤه لتبشر به المتقين الذين اتقوا عقاب الله ، بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه بالجنة ( وتنذر به قوما لدا ) يقول : ولتنذر بهذا القرآن عذاب الله قومك من قريش ، فإنهم أهل لدد وجدل بالباطل ، لا يقبلون الحق . واللد : شدة الخصومة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( لدا ) قال : لا يستقيمون .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وتنذر به قوما لدا ) يقول : لتنذر به قوما ظلمة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وتنذر به قوما لدا ) : أي جدالا بالباطل ، ذوي لدة وخصومة . [ ص: 264 ]
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عن محمد بن فضيل ، ليث ، عن مجاهد ، في قوله : ( وتنذر به قوما لدا ) قال : فجارا .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( قوما لدا ) قال : جدالا بالباطل .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وتنذر به قوما لدا ) قال : الألد : الظلوم ، وقرأ قول الله ( وهو ألد الخصام ) .
حدثنا أبو صالح الضراري . قال : ثنا العلاء بن عبد الجبار ، قال : ثنا مهدي بن ميمون ، عن الحسن في قول الله عز وجل ( وتنذر به قوما لدا ) قال : صما عن الحق .
حدثني ابن سنان ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن هارون ، عن الحسن ، مثله .
وقد بينا معنى الألد فيما مضى بشواهده ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .