القول في تأويل قوله تعالى : ( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون    ( 101 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني جل ثناؤه بقوله : ( ولما جاءهم ) ، أحبار اليهود  وعلماءها من بني إسرائيل - ( رسول ) ، يعني بالرسول : محمدا  صلى الله عليه وسلم . كما : - 
1643 - حدثني موسى بن هارون  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط  ، عن  السدي  في قوله : ( ولما جاءهم رسول ) ، قال : لما جاءهم محمد  صلى الله عليه وسلم . 
وأما قوله : ( مصدق لما معهم ) ، فإنه يعني به أن محمدا  صلى الله عليه وسلم يصدق التوراة والتوراة تصدقه في أنه لله نبي مبعوث إلى خلقه . 
وأما تأويل قوله : ( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم   ) ، فإنه للذي هو مع اليهود  ، وهو التوراة ، فأخبر الله جل ثناؤه أن اليهود  لما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله بتصديق ما في أيديهم من التوراة ، أن محمدا  صلى الله عليه وسلم نبي لله ، ( نبذ فريق ) ، يعني بذلك : أنهم جحدوه ورفضوه بعد أن كانوا به مقرين؛ حسدا منهم له وبغيا عليه . وقوله : ( من الذين أوتوا الكتاب ) . وهم علماء اليهود  الذين أعطاهم الله العلم بالتوراة وما فيها . ويعني بقوله : ( كتاب الله ) ، التوراة .  [ ص: 404 ] 
وقوله : ( وراء ظهورهم ) ، جعلوه وراء ظهورهم . وهذا مثل ، يقال لكل رافض أمرا كان منه على بال : "قد جعل فلان هذا الأمر منه بظهر ، وجعله وراء ظهره" ، يعني به : أعرض عنه وصد وانصرف ، كما : - 
1644 - حدثني موسى  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط  ، عن  السدي   : ( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم   ) ، قال : لما جاءهم محمد  صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة فخاصموه بها ، فاتفقت التوراة والقرآن ، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف ،  وسحر هاروت  وماروت   . فذلك قول الله : ( كأنهم لا يعلمون ) . 
ومعنى قوله : ( كأنهم لا يعلمون ) ، كأن هؤلاء الذين نبذوا كتاب الله من علماء اليهود   - فنقضوا عهد الله بتركهم العمل بما واثقوا الله على أنفسهم العمل بما فيه - لا يعلمون ما في التوراة من الأمر باتباع محمد  صلى الله عليه وسلم وتصديقه . وهذا من الله - جل ثناؤه - إخبار عنهم أنهم جحدوا الحق على علم منهم به ومعرفة ، وأنهم عاندوا أمر الله فخالفوا على علم منهم بوجوبه عليهم ، كما : - 
1645 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : ( نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب   ) ، يقول : نقض فريق من الذين أوتوا الكتاب" كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون   ) : أي أن القوم كانوا يعلمون ، ولكنهم أفسدوا علمهم ، وجحدوا وكفروا وكتموا  . 
				
						
						
