القول في قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ( 14 ) تأويل قوله تعالى : ( فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ( 15 ) )
يقول تعالى ذكره : قال هؤلاء الذين أحل الله بهم بأسه بظلمهم لما نزل بهم بأس الله : يا ويلنا إنا كنا ظالمين بكفرنا بربنا ، فما زالت تلك دعواهم يقول فلم تزل دعواهم ، حين أتاهم بأس الله ، بظلمهم أنفسهم : ( ياويلنا إنا كنا ظالمين ) [ ص: 419 ] حتى قتلهم الله ، فحصدهم بالسيف كما يحصد الزرع ويستأصل قطعا بالمناجل ، وقوله ( خامدين ) يقول : هالكين قد انطفأت شرارتهم ، وسكنت حركتهم ، فصاروا همودا كما تخمد النار فتطفأ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( فما زالت تلك دعواهم ) . . . الآية : فلما رأوا العذاب وعاينوه لم يكن لهم هجيرى إلا قولهم ( يا ويلنا إنا كنا ظالمين ) حتى دمر الله عليهم وأهلكهم .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة ( قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ) يقول : حتى هلكوا .
كما حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن قال ابن جريج ابن عباس ( حصيدا ) الحصاد ( خامدين ) خمود النار إذا طفئت .
حدثنا سعيد بن الربيع قال : ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : إنهم كانوا أهل حصون ، وإن الله بعث عليهم بختنصر ، فبعث إليهم جيشا فقتلهم بالسيف ، وقتلوا نبيا لهم فحصدوا بالسيف ، وذلك قوله ( فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ) بالسيف .