القول في تأويل قوله تعالى : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون    ( 98 ) ) 
يقول تعالى ذكره : إنكم أيها المشركون بالله ، العابدون من دونه الأوثان والأصنام ، وما تعبدون من دون الله من الآلهة . 
كما حدثت عن الحسين  ، قال : سمعت أبا معاذ  يقول : أخبرنا عبيد  ، قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( إنكم وما تعبدون من دون الله   ) يعني الآلهة ومن يعبدها ، ( حصب جهنم   ) وأما حصب جهنم ، فقال بعضهم : معناه : وقود جهنم وشجرها . 
ذكر من قال ذلك : حدثني علي  قال : ثنا عبد الله  قال : ثني معاوية  ، عن علي  عن ابن عباس  قوله ( حصب جهنم   ) : شجر جهنم . 
حدثني محمد بن سعد  ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم   ) يقول : وقودها . 
وقال آخرون : بل معناه : حطب جهنم . 
ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، قال : ثنا عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  ، في قول الله ( حصب جهنم   ) قال : حطبها . 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج  ، عن  ابن جريج  ، عن مجاهد  ، ( مثله ) ! وزاد فيه : وفى بعض القراءة ( حطب جهنم   ) يعني في قراءة عائشة   . 
حدثنا محمد بن عبد الأعلى  ، قال : ثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( حصب جهنم   ) قال : حطب جهنم يقذفون فيها  . 
 [ ص: 536 ] حدثنا ابن بشار  ، قال : ثنا عبد الرحمن  ، قال : ثنا سفيان  ، عن ابن الحر  ، عن عكرمة  قوله ( حصب جهنم   ) قال : حطب جهنم . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك أنهم يرمى بهم في جهنم . 
ذكر من قال ذلك : حدثت عن الحسين  ، قال : سمعت أبا معاذ  يقول : ثنا عبيد  ، قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( حصب جهنم   ) يقول : إن جهنم إنما تحصب بهم ، وهو الرمي ، يقول : يرمي بهم فيها . 
واختلف في قراءة ذلك ، فقرأته قراء الأمصار ( حصب جهنم   ) بالصاد ، وكذلك القراءة عندنا لإجماع الحجة عليه . 
وروي عن علي   وعائشة  أنهما كانا يقرآن ذلك ( حطب جهنم ) بالطاء . 
وروي عن ابن عباس  أنه قرأه ( حضب ) بالضاد . 
حدثنا بذلك أحمد بن يوسف  ، قال : ثنا القاسم  ، قال : ثنا إبراهيم بن محمد  ، عن عثمان بن عبد الله  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  ، أنه قرأها كذلك . 
وكأن ابن عباس  إن كان قرأ ذلك كذلك ، أراد أنهم الذين تسجر بهم جهنم ، ويوقد بهم فيها النار ، وذلك أن كل ما هيجت به النار وأوقدت به فهو عند العرب حضب لها . فإذا كان الصواب من القراءة في ذلك ما ذكرنا ، وكان المعروف من معنى الحصب عند العرب : الرمي ، من قولهم : حصبت الرجل : إذا رميته ، كما قال جل ثناؤه ( إنا أرسلنا عليهم حاصبا   ) كان الأولى بتأويل ذلك قول من قال : معناه أنهم تقذف جهنم بهم ويرمى بهم فيها ، وقد ذكر أن الحصب في لغة أهل اليمين : الحطب ، فإن يكن ذلك كذلك فهو أيضا وجه صحيح ، وأما ما قلنا من أن معناه الرمي فإنه في لغة أهل نجد . وأما قوله ( أنتم لها واردون   ) فإن معناه : أنتم عليها أيها الناس أو إليها واردون ، يقول : داخلون ، وقد بينت معنى الورود فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . 
				
						
						
