[ ص: 471 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ( 105 ) )
قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : ( والله يختص برحمته من يشاء ) : والله يختص من يشاء بنبوته ورسالته ، فيرسله إلى من يشاء من خلقه ، فيتفضل بالإيمان على من أحب فيهديه له ، و"اختصاصه" إياهم بها ، إفرادهم بها دون غيرهم من خلقه . وإنما جعل الله رسالته إلى من أرسل إليه من خلقه ، وهدايته من هدى من عباده ، رحمة منه له ليصيره بها إلى رضاه ومحبته وفوزه بها بالجنة ، واستحقاقه بها ثناءه . وكل ذلك رحمة من الله له .
وأما قوله : ( والله ذو الفضل العظيم ) . فإنه خبر من الله - جل ثناؤه - عن أن كل خير ناله عباده في دينهم ودنياهم ، فإنه من عنده ابتداء وتفضلا منه عليهم ، من غير استحقاق منهم ذلك عليه .
وفي قوله : ( والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) ، تعريض من الله تعالى ذكره بأهل الكتاب : أن الذي آتى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به من الهداية ، تفضل منه ، وأن نعمه لا تدرك بالأماني ، ولكنها مواهب منه يختص بها من يشاء من خلقه .