القول في تأويل قوله تعالى : ( ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون    ( 34 ) أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون   ( 35 ) ) 
يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل الملأ من قوم صالح  لقومهم : ( ولئن أطعتم بشرا مثلكم   ) فاتبعتموه ، وقبلتم ما يقول وصدقتموه . ( إنكم ) أيها القوم ( إذا لخاسرون ) يقول : قالوا : إنكم إذن لمغبونون حظوظكم من الشرف والرفعة في الدنيا ، باتباعكم إياه . 
قوله : ( أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما   ) الآية ، يقول تعالى ذكره : قالوا لهم : أيعدكم صالح  أنكم إذا متم وكنتم ترابا في قبوركم ، وعظاما قد ذهبت لحوم أجسادكم ، وبقيت عظامها - أنكم مخرجون من قبوركم أحياء ، كما كنتم قبل مماتكم؟ وأعيدت ( أنكم ) مرتين ، والمعنى : أيعدكم أنكم إذا متم ، وكنتم ترابا وعظاما - مخرجون مرة واحدة ، لما فرق بين ( أنكم ) الأولى ، وبين خبرها بإذا ، وكذلك تفعل العرب  بكل اسم أوقعت عليه الظن وأخواته ، ثم اعترضت بالجزاء دون خبره ، فتكرر اسمه مرة وتحذفه أخرى ، فتقول : أظن أنك إن جالستنا أنك محسن ، فإن حذفت أنك الأولى أو الثانية صلح ، وإن أثبتهما صلح ، وإن لم تعترض بينهما بشيء لم يجز خطأ أن يقال : أظن أنك أنك جالس ، وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله   : ( أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون   ) . 
				
						
						
