يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد : من رب السماوات السبع ، ورب العرش المحيط بذلك؟ سيقولون : ذلك كله لله ، وهو ربه ، فقل لهم : أفلا تتقون عقابه على كفركم به وتكذيبكم خبره وخبر رسوله؟
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله : ( سيقولون لله ) فقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والعراق والشام : ( سيقولون لله ) سوى أبي عمرو ، فإنه خالفهم فقرأه : " سيقولون الله " في هذا الموضع ، وفي الآخر الذي بعده اتباعا لخط المصحف ، فإن ذلك كذلك في مصاحف الأمصار ، إلا في مصحف أهل البصرة ، فإنه في الموضعين بالألف ، فقرءوا [ ص: 64 ] بالألف كلها اتباعا لخط مصحفهم ، فأما الذين قرءوه بالألف فلا مؤنة في قراءتهم ذلك كذلك ; لأنهم أجروا الجواب على الابتداء ، وردوا مرفوعا على مرفوع ، وذلك أن معنى الكلام على قراءتهم : قل من رب السماوات السبع ، ورب العرش العظيم ، سيقولون رب ذلك الله ، فلا مؤنة في قراءة ذلك كذلك . وأما الذين قرءوا ذلك في هذا ، والذي يليه بغير ألف ، فإنهم قالوا : معنى قوله : قل من رب السماوات : لمن السماوات؟ لمن ملك ذلك؟ فجعل الجواب على المعنى ، فقيل : لله ; لأن المسألة عن ملك ذلك لمن هو؟ قالوا : وذلك نظير قول قائل لرجل : من مولاك؟ فيجيب المجيب عن معنى ما سئل ، فيقول : أنا لفلان ; لأنه مفهوم لذلك من الجواب ما هو مفهوم بقوله : مولاي فلان . وكان بعضهم يذكر أن بعض بني عامر أنشده :
وأعلم أنني سأكون رمسا إذا سار النواجع لا يسير فقال السائلون لمن حفرتم
؟ فقال المخبرون لهم وزير
فأجاب المخفوض بمرفوع ; لأن معنى الكلام : فقال السائلون : من الميت؟ فقال المخبرون : الميت وزير . فأجابوا عن المعنى دون اللفظ .
والصواب من القراءة في ذلك أنهما قراءتان قد قرأ بهما علماء من القراء ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، غير أني مع ذلك أختار قراءة جميع ذلك بغير ألف ; لإجماع خطوط مصاحف الأمصار على ذلك ، سوى خط مصحف أهل البصرة .