يقول تعالى ذكره : وزوجوا أيها المؤمنون من لا زوج له ، من أحرار رجالكم ونسائكم ، ومن أهل الصلاح من عبيدكم ومماليككم . والأيامى : جمع أيم ، وإنما جمع الأيم أيامى ; لأنها فعيلة في المعنى ، فجمعت كذلك كما جمعت اليتيمة : يتامى ; ومنه قول جميل :
أحب الأيامى إذ بثينة أيم وأحببت لما أن غنيت الغوانيا
ولو جمعت أيائم كان صوابا ، والأيم يوصف به الذكر والأنثى ، يقال : رجل أيم ، وامرأة أيم وأيمة : إذا لم يكن لها زوج ; ومنه قول الشاعر :
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي وإن كنت أفتى منكم أتأيم
[ ص: 166 ] ( إن يكونوا فقراء ) يقول : إن يكن هؤلاء الذين تنكحونهم من أيامى رجالكم ونسائكم وعبيدكم وإمائكم أهل فاقة وفقر ، فإن الله يغنيهم من فضله ، فلا يمنعنكم فقرهم من إنكاحهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ) قال : أمر الله سبحانه بالنكاح ، ورغبهم فيه ، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم ، ووعدهم في ذلك الغنى ، فقال : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا حسن أبو الحسن ، وكان إسماعيل بن صبيح مولى هذا ، قال : سمعت القاسم بن الوليد ، عن قال : التمسوا الغنى في النكاح ، يقول الله : ( عبد الله بن مسعود ، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) .
حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وأنكحوا الأيامى منكم ) قال : أيامى النساء : اللاتي ليس لهن أزواج .
وقوله : ( والله واسع عليم ) يقول جل ثناؤه : والله واسع الفضل جواد بعطاياه ، فزوجوا إماءكم ، فإن الله واسع يوسع عليهم من فضله ، إن كانوا فقراء . عليم : يقول : هو ذو علم بالفقير منهم والغني ، لا يخفى عليه حال خلقه في شيء وتدبيرهم .