القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين ( 34 ) )
يقول تعالى ذكره : ولقد أنزلنا إليكم أيها الناس دلالات وعلامات مبينات : يقول مفصلات الحق من الباطل ، وموضحات ذلك .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة ، وبعض الكوفيين والبصريين " مبينات " بفتح الياء : بمعنى مفصلات ، وأن الله فصلهن وبينهن لعباده ، فهن مفصلات مبينات . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة : ( مبينات ) بكسر الياء ، بمعنى أن الآيات هن تبين [ ص: 177 ] الحق والصواب للناس وتهديهم إلى الحق .
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان ، وقد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء ، متقاربتا المعنى ، وذلك أن الله إذ فصلها وبينها صارت مبينة بنفسها الحق لمن التمسه من قبلها ، وإذا بينت ذلك لمن التمسه من قبلها ، فيبين الله ذلك فيها ، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب ، في قراءته الصواب .
وقوله : ( ومثلا من الذين خلوا من قبلكم ) من الأمم ، ( وموعظة ) لمن اتقى الله ، فخاف عقابه وخشي عذابه .