[ ص: 503 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن )
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : ( فاعفوا ) فتجاوزوا عما كان منهم من إساءة وخطأ في رأي أشاروا به عليكم في دينكم ، إرادة صدكم عنه ، ومحاولة ارتدادكم بعد إيمانكم - وعما سلف منهم من قيلهم لنبيكم صلى الله عليه وسلم : ( واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ) ، [ النساء : 46 ] ، واصفحوا عما كان منهم من جهل في ذلك حتى يأتي الله بأمره ، فيحدث لكم من أمره فيكم ما يشاء ، ويقضي فيهم ما يريد ، فقضى فيهم تعالى ذكره ، وأتى بأمره ، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم ، وللمؤمنين به : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) . [ التوبة : 29 ] . فنسخ الله - جل ثناؤه - العفو عنهم والصفح ، بفرض قتالهم على المؤمنين ، حتى تصير كلمتهم وكلمة المؤمنين واحدة ، أو يؤدوا الجزية عن يد صغارا ، كما : -
1796 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير ) ، ونسخ ذلك قوله : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ، [ التوبة : 5 ]
1797 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) ، فأتى الله بأمره فقال : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) ، حتى بلغ ( وهم صاغرون ) ، أي : صغارا [ ص: 504 ] ونقمة لهم . فنسخت هذه الآية ما كان قبلها : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) .
1798 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) ، قال : اعفوا عن أهل الكتاب حتى يحدث الله أمرا ، فأحدث الله بعد فقال : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) ، إلى : ( وهم صاغرون ) .
1799 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) قال : نسختها : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) .
1800 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) ، قال : هذا منسوخ ، نسخه ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) ، إلى قوله : ( وهم صاغرون ) .