القول في قال رب إني أخاف أن يكذبون ( 12 ) تأويل قوله تعالى : ( ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ( 13 ) ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ( 14 ) )
يقول تعالى ذكره : ( قال ) موسى لربه ( رب إني أخاف ) من قوم فرعون الذين أمرتني أن آتيهم ( أن يكذبون ) بقيلي لهم : إنك أرسلتني إليهم . ( ويضيق صدري ) من تكذيبهم إياي إن كذبوني . ورفع قوله : ( ويضيق صدري ) عطفا به على أخاف ، وبالرفع فيه قرأته عامة قراء الأمصار ، ومعناه : وإني يضيق صدري . وقوله : ( ولا ينطلق لساني ) يقول : ولا ينطق بالعبارة عما ترسلني به إليهم ، للعلة التي كانت بلسانه . وقوله : ( ولا ينطلق لساني ) كلام معطوف به على يضيق . وقوله : ( فأرسل إلى هارون ) يعني هارون أخاه ، ولم يقل : فأرسل إلى هارون ليؤازرني وليعينني ، إذ كان مفهوما معنى الكلام ، وذلك كقول القائل : لو نزلت بنا نازلة لفزعنا إليك ، بمعنى : لفزعنا إليك لتعيننا . وقوله : ( ولهم علي ذنب ) يقول : ولقوم فرعون علي دعوى ذنب أذنبت [ ص: 338 ] إليهم ، وذلك قتله النفس التي قتلها منهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثني عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ) قال : قتل النفس التي قتل منهم .
حدثنا القاسم ، قال : ثني الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، قال : قتل موسى النفس .
قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : ( ولهم علي ذنب ) قال : قتل النفس .
وقوله : ( فأخاف أن يقتلون ) يقول : فأخاف أن يقتلوني قودا بالنفس التي قتلت منهم .