القول في قال أولو جئتك بشيء مبين ( 30 ) تأويل قوله تعالى : ( قال فأت به إن كنت من الصادقين ( 31 ) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ( 32 ) ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ( 33 ) )
يقول تعالى ذكره : قال موسى لفرعون لما عرفه ربه ، وأنه رب المشرق والمغرب ، ودعاه إلى عبادته وإخلاص الألوهة له ، وأجابه فرعون بقوله ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ) : أتجعلني من المسجونين ( أولو جئتك بشيء مبين ) يبين لك صدق ما أقول يا فرعون وحقيقة ما أدعوك إليه ؟ وإنما قال ذلك له ، لأن من أخلاق الناس السكون للإنصاف ، والإجابة إلى الحق بعد البيان ; فلما قال موسى له ما قال من ذلك ، قال له فرعون : فأت بالشيء المبين حقيقة ما تقول ، فإنا لن نسجنك حينئذ إن اتخذت إلها غيري إن كنت من الصادقين : يقول : إن كنت محقا فيما تقول ، وصادقا فيما تصف وتخبر ، ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ) يقول جل ثناؤه : فألقى موسى عصاه فتحولت ثعبانا ، وهي الحية الذكر كما قد بينت فيما مضى قبل من صفته ، وقوله ( مبين ) يقول : يبين لفرعون والملأ من قومه أنه ثعبان .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله ، عن ، عن شهر بن حوشب ابن عباس ، قوله : ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ) يقول : مبين له خلق حية .
وقوله : ( ونزع يده فإذا هي بيضاء ) يقول : وأخرج موسى يده من جيبه فإذا هي بيضاء تلمع ( للناظرين ) لمن ينظر إليها ويراها . [ ص: 346 ]
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثام بن علي ، قال : ثنا الأعمش ، عن المنهال ، قال : ارتفعت الحية في السماء قدر ميل ، ثم سفلت حتى صار رأس فرعون بين نابيها ، فجعلت تقول : يا موسى مرني بما شئت ، فجعل فرعون يقول : يا موسى أسألك . بالذي أرسلك ، قال : فأخذه بطنه .