يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه : ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون ) والريع : كل مكان مشرف من الأرض مرتفع ، أو طريق أو واد ; ومنه قول : ذي الرمة
طراق الخوافي مشرف فوق ريعة ندى ليله في ريشه يترقرق
وقول الأعشى :
ويهماء قفر تجاوزتها إذا خب في ريعها آلها
وفيه لغتان : ريع وريع بكسر الراء وفتحها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون ) يقول : بكل شرف .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( بكل ريع ) قال : فج .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : ( أتبنون بكل ريع آية ) قال : بكل طريق .
حدثني سليمان بن عبيد الله الغيلاني ، قال : ثنا أبو قتيبة ، قال : ثنا ، قال : ثنا مسلم بن خالد ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( أتبنون بكل ريع ) قال : الريع : الثنية الصغيرة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ، عن يحيى بن حسان ، عن مسلم بن خالد ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، قال : قال ابن جريج عكرمة : ( بكل ريع ) قال : فج وواد ، قال : وقال مجاهد ( بكل ريع ) بين جبلين .
قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، قوله : ( أتبنون بكل ريع ) قال : شرف ومنظر .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( بكل ريع ) قال : بكل طريق .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( بكل ريع ) بكل طريق . ويعني بقوله ( آية ) بنيانا ، علما .
وقد بينا في غير موضع من كتابنا هذا ، أن الآية هي الدلالة والعلامة بالشواهد المغنية عن إعادتها في هذا الموضع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في ألفاظهم [ ص: 375 ] في تأويله .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( بكل ريع آية ) قال : الآية : علم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( بكل ريع آية ) قال : آية : بنيان .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد : ( آية ) : بنيان .
حدثني علي بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، في قوله : ( بكل ريع آية ) قال : بنيان الحمام .
وقوله : ( تعبثون ) قال : تلعبون .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( تعبثون ) قال : تلعبون .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك ، يقول في قوله : ( تعبثون ) قال : تلعبون .
وقوله : ( وتتخذون مصانع ) اختلف أهل التأويل في معنى المصانع ، فقال بعضهم : هي قصور مشيدة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وتتخذون مصانع ) قال : قصور مشيدة ، وبنيان مخلد .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد : ( مصانع ) : قصور مشيدة وبنيان . [ ص: 376 ]
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن مجاهد ، قال : ( مصانع ) يقول : حصون وقصور .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ، عن يحيى بن حسان مسلم ، عن رجل ، عن مجاهد ، قوله : ( مصانع لعلكم تخلدون ) قال : أبرجة الحمام .
وقال آخرون : بل هي مآخذ للماء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( مصانع ) قال : مآخذ للماء .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن المصانع جمع مصنعة ، والعرب تسمي كل بناء مصنعة ، وجائز أن يكون ذلك البناء كان قصورا وحصونا مشيدة ، وجائز أن يكون كان مآخذ للماء ، ولا خبر يقطع العذر بأي ذلك كان ، ولا هو مما يدرك من جهة العقل . فالصواب أن يقال فيه ، ما قال الله : إنهم كانوا يتخذون مصانع .
وقوله : ( لعلكم تخلدون ) يقول : كأنكم تخلدون ، فتبقون في الأرض .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( لعلكم تخلدون ) يقول : كأنكم تخلدون .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : قال في بعض الحروف ( وتتخذون مصانع ) كأنكم تخلدون .
وكان ابن زيد يقول : " لعلكم " في هذا الموضع استفهام .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون ) قال : هذا استفهام ، يقول : لعلكم تخلدون حين تبنون هذه الأشياء ؟ .
وكان بعض أهل العربية يزعم أن لعلكم في هذا الموضع بمعنى " كيما " . [ ص: 377 ]
وقوله : ( وإذا بطشتم بطشتم جبارين ) يقول : وإذا سطوتم سطوتم قتلا بالسيوف ، وضربا بالسياط .
كما حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال : ( ابن جريج وإذا بطشتم بطشتم جبارين ) قال : القتل بالسيف والسياط .