يقول تعالى ذكره : ( واتقوا ) أيها القوم عقاب ربكم ( الذي خلقكم ) وخلق الجبلة الأولين ) يعني بالجبلة : الخلق الأولين . وفي الجبلة للعرب لغتان : كسر الجيم والباء وتشديد اللام ، وضم الجيم والباء وتشديد اللام ; فإذا نزعت الهاء من آخرها كان الضم في الجيم والباء أكثر كما قال جل ثناؤه : " ولقد أضل منكم جبلا كثيرا " وربما سكنوا الباء من الجبل ، كما قال [ ص: 392 ] أبو ذؤيب :
منايا يقربن الحتوف لأهلها جهارا ويستمتعن بالأنس الجبل
وبنحو ما قلنا في معنى الجبلة قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : قوله : ( واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين ) يقول : خلق الأولين .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( والجبلة الأولين ) قال : الخليقة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( والجبلة الأولين ) قال : الخلق الأولين ، الجبلة : الخلق .
وقوله : ( قالوا إنما أنت من المسحرين ) يقول : قالوا : إنما أنت يا شعيب معلل تعلل بالطعام والشراب ، كما نعلل بهما ، ولست ملكا . ( وما أنت إلا بشر مثلنا ) تأكل وتشرب ( وإن نظنك لمن الكاذبين ) . يقول : وما نحسبك فيما تخبرنا وتدعونا إليه ، إلا ممن يكذب فيما يقول ، فإن كنت صادقا فيما تقول بأنك رسول الله كما تزعم ( فأسقط علينا كسفا من السماء ) يعني قطعا من السماء ، وهي جمع كسفة ، جمع كذلك كما تجمع تمرة : تمرا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 393 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( كسفا ) يقول : قطعا .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : ( كسفا من السماء ) : جانبا من السماء .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فأسقط علينا كسفا من السماء ) قال : ناحية من السماء ، عذاب ذلك الكسف .