[ ص: 422 ] [ ص: 423 ] [ ص: 424 ] [ ص: 425 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين ( 1 ) تأويل قوله تعالى : ( هدى وبشرى للمؤمنين ( 2 ) الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ( 3 ) )
قال أبو جعفر : وقد بينا القول فيما مضى من كتابنا هذا فيما كان من حروف المعجم في فواتح السور ، فقوله : ( طس ) من ذلك . وقد روي عن ابن عباس أن قوله : ( طس ) قسم أقسمه الله هو من أسماء الله .
حدثني علي بن داود ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : قوله : ( طس ) قسم أقسمه الله هو من أسماء الله .
فالواجب على هذا القول أن يكون معناه : والسميع اللطيف ، إن هذه الآيات التي أنزلتها إليك يا محمد لآيات القرآن ، وآيات كتاب مبين : يقول : يبين لمن تدبره ، وفكر فيه بفهم أنه من عند الله ، أنزله إليك ، لم تتخرصه أنت ولم تتقوله ، ولا أحد سواك من خلق الله ، لأنه لا يقدر أحد من الخلق أن يأتي بمثله ، ولو تظاهر عليه الجن والإنس . وخفض قوله : ( وكتاب مبين ) عطفا به على القرآن . وقوله : ( هدى ) من صفة القرآن .
يقول : هذه آيات القرآن بيان من الله بين به طريق الحق وسبيل السلام . ( وبشرى للمؤمنين ) يقول : وبشارة لمن آمن به ، وصدق بما أنزل فيه بالفوز العظيم في المعاد .
وفي قوله : ( هدى وبشرى ) وجهان من العربية : الرفع على الابتداء بمعنى : هو هدى وبشرى . والنصب على القطع من آيات القرآن ، فيكون معناه : تلك آيات القرآن الهدى والبشرى للمؤمنين ، ثم أسقطت الألف واللام من الهدى والبشرى ، فصارا نكرة ، وهما صفة للمعرفة فنصبا .
وقوله : ( الذين يقيمون الصلاة ) يقول : هو هدى وبشرى لمن آمن بها ، وأقام الصلاة المفروضة بحدودها . وقوله : ( ويؤتون الزكاة ) يقول : ويؤدون الزكاة [ ص: 426 ] المفروضة . وقيل : معناه : ويطهرون أجسادهم من دنس المعاصي .
وقد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . ( وهم بالآخرة هم يوقنون ) يقول : وهم مع إقامتهم الصلاة ، وإيتائهم الزكاة الواجبة ، بالمعاد إلى الله بعد الممات يوقنون ، فيذلون في طاعة الله ، رجاء جزيل ثوابه ، وخوف عظيم عقابه ، وليسوا كالذين يكذبون بالبعث ، ولا يبالون ، أحسنوا أم أساءوا ، وأطاعوا أم عصوا ، لأنهم إن أحسنوا لم يرجوا ثوابا ، وإن أساءوا لم يخافوا عقابا .