يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله لنبيه موسى : ( وأدخل يدك في جيبك ) ذكر أنه تعالى ذكره أمره أن يدخل كفه في جيبه ; وإنما أمره بإدخاله في جيبه ، لأن الذي كان عليه يومئذ مدرعة من صوف . قال بعضهم : لم يكن لها كم . وقال بعضهم : كان كمها إلى بعض يده .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين قال ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد : ( وأدخل يدك في جيبك ) قال : الكف فقط في جيبك ، قال : كانت مدرعة إلى بعض يده ، ولو كان لها كم أمره أن يدخل يده في كمه .
قال : ثني حجاج ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن عمرو بن ميمون قال : قال ابن مسعود : إن موسى أتى فرعون حين أتاه في ذرمانقة ، يعني جبة صوف . [ ص: 435 ]
وقوله : ( تخرج بيضاء ) يقول : تخرج اليد بيضاء بغير لون موسى ( من غير سوء ) يقول : من غير برص ( في تسع آيات ) ، يقول تعالى ذكره : أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ، فهي آية في تسع آيات مرسل أنت بهن إلى فرعون ; وترك ذكر مرسل لدلالة قوله ( إلى فرعون وقومه ) على أن ذلك معناه ، كما قال الشاعر :
رأتني بحبليها فصدت مخافة وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق
ومعنى الكلام : رأتني مقبلا بحبليها ، فترك ذكر " مقبل " استغناء بمعرفة السامعين معناه في ذلك ، إذ قال : رأتني بحبليها ; ونظائر ذلك في كلام العرب كثيرة .
والآيات التسع : هن الآيات التي بيناهن فيما مضى .
وقد حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( تسع آيات إلى فرعون وقومه ) قال : هي التي ذكر الله في القرآن : العصا ، واليد ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والطوفان ، والدم ، والحجر ، والطمس الذي أصاب آل فرعون في أموالهم .
وقوله : ( إنهم كانوا قوما فاسقين ) يقول : إن فرعون وقومه من القبط كانوا قوما فاسقين ، يعني كافرين بالله ، وقد بينا معنى الفسق فيما مضى .