يقول تعالى ذكره : ويقول مشركو قومك يا محمد ، المكذبوك فيما أتيتهم به من عند ربك : ( متى ) يكون ( هذا الوعد ) الذي تعدناه من العذاب ، الذي هو بنا فيما تقول حال ، ( إن كنتم صادقين ) فيما تعدوننا به ( قل عسى أن يكون ردف لكم ) يقول جل جلاله : قل لهم يا محمد : عسى أن يكون اقترب لكم ودنا ( بعض الذي تستعجلون ) من عذاب الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 492 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( قل عسى أن يكون ردف لكم ) يقول : اقترب لكم .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) يقول : اقترب لكم بعض الذي تستعجلون .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( عسى أن يكون ردف لكم ) قال : ردف : أعجل لكم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد قوله : ( قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) قال : أزف .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( ردف لكم ) اقترب لكم .
واختلف أهل العربية في وجه دخول اللام في قوله : ( ردف لكم ) وكلام العرب المعروف : ردفه أمر ، وأردفه ، كما يقال : تبعه وأتبعه ، فقال بعض نحويي البصرة : أدخل اللام في ذلك فأضاف بها الفعل كما يقال : ( للرؤيا تعبرون ) و ( لربهم يرهبون ) .
وقال بعض نحويي الكوفة : أدخل اللام في ذلك للمعنى ; لأن معناه : دنا لهم ، كما قال الشاعر :
فقلت لها الحاجات يطرحن بالفتى
فأدخل الباء في يطرحن ، وإنما يقال طرحته ، لأن معنى الطرح : الرمي ، فأدخل الباء للمعنى ، إذ كان معنى ذلك يرمين بالفتى ، وهذا القول الثاني هو أولاهما عندي بالصواب ، وقد مضى البيان عن نظائره في غير موضع من الكتاب ، بما أغنى عن تكراره [ ص: 493 ] في هذا الموضع .
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( تستعجلون ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ( ابن جريج : ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) قال : من العذاب .