القول في تأويل قوله تعالى : ( ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ( 85 ) ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ( 86 ) )
يقول تعالى ذكره : ووجب السخط والغضب من الله على المكذبين بآياته ( بما ظلموا ) يعني بتكذيبهم بآيات الله ، يوم يحشرون ( فهم لا ينطقون )
يقول : فهم لا ينطقون بحجة يدفعون بها عن أنفسهم عظيم ما حل بهم ووقع عليهم من القول . وقوله : ( ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه ) يقول تعالى ذكره : ألم ير هؤلاء المكذبون بآياتنا تصريفنا الليل والنهار ، ومخالفتنا بينهما بتصييرنا هذا سكنا لهم يسكنون فيه ويهدءون ، راحة أبدانهم من تعب التصرف والتقلب نهارا ، وهذا مضيئا يبصرون فيه الأشياء ويعاينونها [ ص: 502 ] فيتقلبون فيه لمعايشهم ، فيتفكروا في ذلك ، ويتدبروا ، ويعلموا أن مصرف ذلك كذلك هو الإله الذي لا يعجزه شيء ، ولا يتعذر عليه إماتة الأحياء ، وإحياء الأموات بعد الممات ، كما لم يتعذر عليه الذهاب بالنهار والمجيء بالليل ، والمجيء بالنهار والذهاب بالليل مع اختلاف أحوالهما ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) يقول تعالى ذكره : إن في تصييرنا الليل سكنا ، والنهار مبصرا لدلالة لقوم يؤمنون بالله على قدرته على ما آمنوا به من البعث بعد الموت ، وحجة لهم على توحيد الله .