القول في تأويل قوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم    ( 23 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : والذين كفروا حجج الله ، وأنكروا أدلته ، وجحدوا لقاءه والورود عليه ، يوم تقوم الساعة : ( أولئك يئسوا من رحمتي   ) يقول - تعالى ذكره - : أولئك يئسوا من رحمتي في الآخرة لما عاينوا ما أعد لهم من العذاب ، وأولئك لهم عذاب موجع . 
فإن قال قائل : وكيف اعترض بهذه الآيات من قوله : ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم   ) إلى قوله : ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون   ) وترك ضمير قوله : ( فما كان جواب قومه   ) وهو من قصة إبراهيم . وقوله : ( إن الذين تعبدون من دون الله   ) إلى قوله : ( فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون   ) . 
قيل : فعل ذلك كذلك ؛ لأن الخبر عن أمر نوح  وإبراهيم  وقومهما ، وسائر من ذكر الله من الرسل والأمم في هذه السورة وغيرها ، إنما هو تذكير من الله - تعالى ذكره - به الذين يبتدئ بذكرهم قبل الاعتراض بالخبر ، وتحذير منه لهم أن يحل بهم ما حل بهم ، فكأنه قيل في هذا الموضع : فاعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ، فكذبتم أنتم معشر قريش رسولكم محمدا ،  كما كذب أولئك إبراهيم ،  ثم جعل مكان : فكذبتم : وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ، إذ كان ذلك يدل على الخبر عن تكذيبهم رسولهم ، ثم عاد إلى الخبر عن إبراهيم وقومه ، وتتميم قصته وقصتهم بقوله : ( فما كان جواب قومه   ) . 
				
						
						
