يقول - تعالى ذكره - : ويوم تجيء الساعة التي فيها يفصل الله بين خلقه ، وينشر [ ص: 80 ] فيها الموتى من قبورهم ، فيحشرهم إلى موقف الحساب ( يبلس المجرمون ) يقول : ييأس الذين أشركوا بالله ، واكتسبوا في الدنيا مساوئ الأعمال من كل شر ، ويكتئبون ويتندمون ، كما قال العجاج :
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلسا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( يبلس ) . قال : يكتئب .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( يبلس المجرمون ) أي في النار .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قول الله : ( ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ) قال : المبلس : الذي قد نزل به الشر ، إذا أبلس الرجل ، فقد نزل به بلاء .
وقوله : ( ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء ) يقول - تعالى ذكره - : ( ويوم تقوم الساعة ) لم يكن لهؤلاء المجرمين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم ( من شركائهم ) الذين كانوا يتبعونهم ، على ما دعوهم إليه من الضلالة ، فيشاركونهم في الكفر بالله ، والمعاونة على أذى رسله ، ( شفعاء ) يشفعون لهم عند الله ، فيستنقذوهم من عذابه ، ( وكانوا بشركائهم كافرين ) يقول : وكانوا بشركائهم في الضلالة والمعاونة في الدنيا على أولياء الله ( كافرين ) ، يجحدون ولايتهم ، ويتبرءون منهم ، كما قال جل ثناؤه : ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا ) . [ ص: 81 ]