[ ص: 410 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 36 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وقال أهل الاستكبار على الله من كل قرية أرسلنا فيها نذيرا لأنبيائنا ورسلنا : نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن في الآخرة بمعذبين لأن الله لو لم يكن راضيا ما نحن عليه من الملة والعمل لم يخولنا الأموال والأولاد ، ولم يبسط لنا في الرزق ، وإنما أعطانا ما أعطانا من ذلك لرضاه أعمالنا ، وآثرنا بما آثرنا على غيرنا لفضلنا ، وزلفة لنا عنده ، يقول الله لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : قل لهم يا محمد ( إن ربي يبسط الرزق ) من المعاش والرياش في الدنيا ( لمن يشاء ) من خلقه ( ويقدر ) فيضيق على من يشاء لا لمحبة فيمن يبسط له ذلك ولا خير فيه ولا زلفة له استحق بها منه ، ولا لبغض منه لمن قدر عليه ذلك ولا مقت ، ولكنه يفعل ذلك محنة لعباده وابتلاء ، وأكثر الناس لا يعلمون أن الله يفعل ذلك اختبارا لعباده ولكنهم يظنون أن ذلك منه محبة لمن بسط له ومقت لمن قدر عليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ) الآية قال : قالوا : نحن أكثر أموالا وأولادا ، فأخبرهم الله أنه ليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ( إلا من آمن وعمل صالحا ) قال : وهذا قول المشركين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، قالوا : لو لم يكن الله عنا راضيا لم يعطنا هذا ، كما قال قارون : لولا أن الله رضي بي وبحالي ما أعطاني [ ص: 411 ] هذا قال : ( أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون ) إلى آخر الآية .