القول في تأويل قوله تعالى : ( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ( 45 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وما أنزلنا على المشركين القائلين لمحمد - صلى الله عليه وسلم - لما جاءهم بآياتنا : هذا سحر مبين ، بما يقولون من ذلك كتبا يدرسونها ، يقول : يقرءونها .
[ ص: 416 ] كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وما آتيناهم من كتب يدرسونها ) أي : يقرءونها ( وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ) يقول : وما أرسلنا إلى هؤلاء المشركين من قومك يا محمد فيما يقولون ويعملون قبلك من نبي ينذرهم بأسنا عليهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ) ما أنزل الله على العرب كتابا قبل القرآن ، ولا بعث إليهم نبيا قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - .
وقوله ( وكذب الذين من قبلهم ) يقول : وكذب الذين من قبلهم من الأمم رسلنا وتنزيلنا ( وما بلغوا معشار ما آتيناهم ) يقول : ولم يبلغ قومك يا محمد عشر ما أعطينا الذين من قبلهم من الأمم من القوة والأيدي والبطش ، وغير ذلك من النعم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( وما بلغوا معشار ما آتيناهم ) من القوة في الدنيا .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( وما بلغوا معشار ما آتيناهم ) يقول : ما جاوزوا معشار ما أنعمنا عليهم .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم ) يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم [ ص: 417 ] من القوة وغير ذلك .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وما بلغوا معشار ما آتيناهم ) قال : ما بلغ هؤلاء ، أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، معشار ما آتينا الذين من قبلهم ، وما أعطيناهم من الدنيا ، وبسطنا عليهم ( فكذبوا رسلي فكيف كان نكير ) يقول : فكذبوا رسلي فيما أتوهم به من رسالتي ، فعاقبناهم بتغييرنا بهم ما كنا آتيناهم من النعم ، فانظر يا محمد كيف كان نكير ، يقول : كيف كان تغييري بهم وعقوبتي .