القول في تأويل قوله تعالى : ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ( 48 ) قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ( 49 ) )
يقول - جل ثناؤه - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( قل ) يا محمد لمشركي قومك ( إن ربي يقذف بالحق ) وهو الوحي ، يقول : ينزله من السماء ، فيقذفه إلى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ( علام الغيوب ) يقول : علام ما يغيب عن الأبصار ، ولا مظهر لها ، وما لم يكن مما هو كائن ، وذلك من صفة الرب ، غير أنه رفع لمجيئه بعد الخبر ، وكذلك تفعل العرب إذا وقع النعت بعد الخبر ، في أن أتبعوا النعت إعراب ما في الخبر ، فقالوا : إن أباك يقوم الكريم ، فرفع الكريم على ما وصفت ، والنصب فيه جائز ; لأنه نعت للأب ، فيتبع إعرابه ( قل جاء الحق ) يقول : قل لهم يا محمد : جاء القرآن ووحي الله ( وما يبدئ الباطل ) يقول : وما ينشئ الباطل خلقا ، والباطل هو فيما فسره أهل التأويل : [ ص: 420 ] إبليس ( وما يعيد ) يقول : ولا يعيده حيا بعد فنائه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( إن ربي يقذف بالحق ) : أي بالوحي ( علام الغيوب قل جاء الحق ) أي : القرآن ( وما يبدئ الباطل وما يعيد ) والباطل : إبليس ، أي : ما يخلق إبليس أحدا ولا يبعثه .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ) فقرأ ( بل نقذف بالحق على الباطل . . . ) إلى قوله ( ولكم الويل مما تصفون ) قال : يزهق الله الباطل ، ويثبت الله الحق الذي دمغ به الباطل ، يدمغ بالحق على الباطل ، فيهلك الباطل ويثبت الحق ، فذلك قوله ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ) .