القول في تأويل قوله تعالى : ( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور    ( 4 ) يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور   ( 5 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - : وإن يكذبك يا محمد  هؤلاء المشركون بالله من قومك فلا يحزننك ذاك ، ولا يعظم عليك ، فإن ذلك سنة أمثالهم من كفرة الأمم بالله من قبلهم وتكذيبهم رسل الله التي أرسلها إليهم من قبلك ، ولن يعدو مشركو قومك أن يكونوا مثلهم ، فيتبعوا في تكذيبك منهاجهم ويسلكوا سبيلهم ( وإلى الله ترجع الأمور   ) يقول - تعالى ذكره - : وإلى الله مرجع أمرك وأمرهم ، فمحل بهم العقوبة ، إن هم لم ينيبوا إلى طاعتنا في اتباعك والإقرار بنبوتك ، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة نظير ما أحللنا بنظرائهم من الأمم المكذبة رسلها قبلك ، ومنجيك وأتباعك من ذلك ، سنتنا بمن قبلك في رسلنا وأوليائنا . 
 [ ص: 439 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك   ) يعزي نبيه كما تسمعون  . 
وقوله ( يا أيها الناس إن وعد الله حق   ) يقول - تعالى ذكره - لمشركي قريش المكذبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أيها الناس إن وعد الله إياكم بأسه على إصراركم على الكفر به ، وتكذيب رسوله محمد   - صلى الله عليه وسلم - ، وتحذيركم نزول سطوته بكم على ذلك حق ، فأيقنوا بذلك ، وبادروا حلول عقوبتكم بالتوبة ، والإنابة إلى طاعة الله ، والإيمان به وبرسوله ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا   ) يقول : فلا يغرنكم ما أنتم فيه من العيش في هذه الدنيا ورياستكم التي تترأسون بها في ضعفائكم فيها عن اتباع محمد  والإيمان ( ولا يغرنكم بالله الغرور   ) يقول : ولا يخدعنكم بالله الشيطان ، فيمنيكم الأماني ، ويعدكم من الله العدات الكاذبة ، ويحملكم على الإصرار على كفركم بالله . 
كما حدثني علي قال : ثنا أبو صالح  قال : ثني معاوية ،  عن علي ،  عن ابن عباس  في قوله ( ولا يغرنكم بالله الغرور   ) يقول : الشيطان  . 
				
						
						
