القول في تأويل قوله تعالى : ( تنزيل العزيز الرحيم ( 5 ) ) [ ص: 491 ]
اختلف القراء في تنزيل العزيز الرحيم ) فقرأته عامة قراء قراءة قوله ( المدينة والبصرة ( تنزيل العزيز ) برفع " تنزيل " ، والرفع في ذلك يتجه من وجهين ; أحدهما بأن يجعل خبرا ، فيكون معنى الكلام : إنه تنزيل العزيز الرحيم . والآخر : بالابتداء ، فيكون معنى الكلام حينئذ : إنك لمن المرسلين ، هذا تنزيل العزيز الرحيم . وقرأته عامة قراء الكوفة وبعض أهل الشام ) تنزيل ) نصبا على المصدر من قوله ( إنك لمن المرسلين ) لأن الإرسال إنما هو عن التنزيل ، فكأنه قيل : لمنزل تنزيل العزيز الرحيم حقا .
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب . ومعنى الكلام : إنك لمن المرسلين يا محمد إرسال الرب العزيز في انتقامه من أهل الكفر به ، الرحيم بمن تاب إليه ، وأناب من كفره وفسوقه أن يعاقبه على سالف جرمه بعد توبته له .